للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكان يحترمه ويقول: هذا من بيت الرياسة والفضل، ثم عاد إلى الموصل، وقد برع وصار أَوجَهَ أهل بيته، وقدم رسولا من الموصل إلى بغداد مرارًا، وتوفي بالموصل، وكان ثقة جليلا نبيلا.

أحمد بن محمد أبو المظفر البغدادي؛ ولد سنة عشر وخمسمائة في شعبان، وسمع الحديث الكثير ورواه، وبنى مسجدا ببغداد في درب الرياحين يعرف به، وهو قائم إلى هلم جرَّا، وتوفي بالمخزن محبوسا بعدما ذهب بصره، ودفن بباب حرب، سمع أبا القاسم بن الحصين، وابن السمرقندي، وقاضى المارستان، وغيرهم، وكان صالحًا ثقة.

السِّلَفي أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم سِلَفة الأصفهاني، الملقب صدر الدين أبو الطاهر السِلفي (١)؛ أحد الحفاظ المكثرين، رحل في طلب الحديث، ولقي أعيان المشايخ، وكان شافعى المذهب، ورد بغداد واشتغل بها على الكيَا أبي الحسن "على" (٢) الهراسي (٣) في الفقه، وعلى الفقيه الخطيب أبي زكريا يحيى بن على التبريزي اللغوي في اللغة، وروي عن أبي محمد جعفر بن السراج وغيره من الأئمة الأماثل، وجاب البلاد، وطاف الآفاق، ودخل ثغر الإسكندرية في ذي القعدة سنة إحدى عشرة وخمسمائة، وكان قدومه إليها في البحر من مدينة صُور، وأقام بها، وقصده الناس من الأماكن البعيدة، وسمعوا عليه وانتفعوا به، ولم يكن له مثل في آخر عمره في عصره، وبنى له العادل أبو الحسن علي بن سلار -وزير الظافر العبيدي صاحب مصر- في سنة ست وأربعين وخمسمائة مدرسة بالثغر المحروس المذكور، وفوضها إليه، وهي معروفة به إلى الآن (٤).

وقال ابن خلكان (٥): أدركتُ جماعة من أصحابه بالشام والديار المصرية، وسمعت عليهم وأجازوني، وكان كتب الكثير، ونقلتُ من خطه فوائد جَمة، ومن جملة ما نقلت من خطه لأبي عبد الله محمد بن عبد الجبار الأندلسي عن قصيدة:


(١) هو أبو طاهر السلفي الحافظ أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني الحرواني، وحروان محلة بأصبهان. وسلفة بكسر السين المهملة لقب جده أحمد ومعناه شقوق الشفة. وفيات الأعيان، جـ ١، ص ١٠٥ - ١٠٧؛ البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٣٢٨ - ٣٢٩؛ شذرات الذهب، جـ ٤، ص ٢٥٥.
(٢) ما بين الأقواس ساقط من نسخة ب.
(٣) انظر ترجمته في وفيات الأعيان، جـ ٣، ص ٢٨٦.
(٤) ينقل العيني هنا عن وفيات الأعيان، جـ ١، ص ١٠٥.
(٥) وفيات الأعيان، جـ ١، ص ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>