للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ أحمد بن الرفاعى؛ هو أبو العباس أحمد بن أبى الحسن على بن أبى العباس أحمد المعروف بابن الرفاعى، كان رجلاً صالحا شافعى المذهب، وكان متواضعًا سليم الصدر، مجردًا من الدنيا، وما ادخر شيئاً قط. وقال ابن خلكان (١): أصله من العرب، وسكن في البطائح (٢)، بقرية يقال لها أم عبيدة، وتبعه خلق كثير من الفقراء، فتسموا بالرفاعية البطائحية، ولأتباعه أحوال عجيبة؛ من أكل الحيات وهى حية، والنزول إلى التنانير وهى تتضرم بالنار فيطفئونها. ويقال: إنهم في بلادهم يركبون الأسود وغير ذلك. ولم يكن له عقب وإنما العقب لأخيه، وأولاده يتوارثون المشيخة.

وفى المرآة (٣): ويتسلق أحدهم في أطول (٤) النخل، ثم يلقى نفسه إلى الأرض ولا يتألم، ويجتمع عنده في كل سنة في المواسم خلق عظيم. حكى لي بعض أشياخنا قال: حضرت عنده ليلة نصف شعبان وعنده نحو من مائة ألف إنسان.

وقال ابن خلكان (٥): ولهم مواسم يجتمع عندهم من الفقراء عالم لا يعد ولا يحصى، ويقومون بكفاية الكل.

قلت: ولطائفتهم موسم عظيم في كل سنة يسمونه المحَيى، بموضع يقال له تريب، بين عينتاب والبيرة التى على الفرات، يجتمع هناك كل سنة أمم لا يحصون، وينضم إليهم من أهل تلك البلاد أناس كثيرون، فتقام هناك أسواق عظيمة فيها بيع وشراء، وينصبون الخيام والأخصاص ونحوها، فأخبرنى أناس أن طائفة منهم يأكلون الحيات وهى حية، ويأكلون جمرات النار، ويحمون الصفائح الحديد ويقعدون عليها، ويجعلون في أعناقهم أطواقًا من حديد محماة مثل النار، ونحو ذلك من الأشياء الخارقة للعادة، ويقيمون هناك سماعاً ورقصا بأنواع الشهيق والزفير والبعبعة، مع [تزيد] (٦) أفواههم، ونحو ذلك من الأشياء المنكرة المبتدعة.


(١) انظر ترجمته في وفيات الأعيان، جـ ١، ص ١٧١ - ١٧٢؛ البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٣٣٣؛ مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٣٦؛ شذرات الذهب، جـ ٤، ص ٢٥٩ - ٢٦٠.
(٢) البطائح: أرض واسعة بين واسط والبصرة، وهى مجموعة قرى متصلة. معجم البلدان، جـ ١، ص ٦٦٨ - ٦٧٠.
(٣) انظر: مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٣٦.
(٤) "أصول" في مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٣٦.
(٥) وفيات الأعيان، جـ ١، ص ١٧٢.
(٦) "تزيد" في نسخة أ. والمثبت من نسخة ب، حيث يتفق مع السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>