للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زار من أحيا بزَرْتَه … والدجي في لون طرته

قمرُ يَثْنى معانقُهُ … بانة في ثني بُرْدِته

بتُّ استجلى المُدام علَى … غِرّة الواشي وغُرَّته

يا لها من زَوْرةٍ قصُرت … فأماتت طول جَفْوَتِه

حين حلت عقد مصطبري … عقدت من سحر مقلته

آه من خصرٍ له وعلى … خصرٍ (١) من برْد ريقته

يا له في الحسن من صنم … كلُّنا في جاهليَّته (٢)

وفي المرآة (٣): وكأن الأبله يصحب حاجب الباب ابن الدوامي ويمدحه، خرج معه بستان بباب محول (٤)، وكانت ليلة مقمرة فأخذ ينشد لابن الدوامي قصائد منها: زار من أحيي إلى آخره. فلما أنهاها قال له ابن الدوامي: يا حجة العرب هذه القصيدة لك. فقال: نعم. فصاح صائح من داخل البستان: يكذب ما هي له. فخاف ابن الدوامي وغلمانه وقاموا إلى الباب وهو مغلق فطافوا البستان فلم يروا أحدًا فعادوا وجلسوا، فقال له ابن الدوامي: أنشدنا أخرى، فأنشده، فقال: هذه لك؟ قال: نعم. فصاح ذلك الصوت بعينه: يكذب ما هي له. فقاموا وفتشوا فلم يجدوا (٥) أحدًا. فقال: أنشدنا أخرى، فأنشده ثالثة، فقال: هذه لك؟ قال: نعم. فصاح ذلك الصوت بعينه: يكذب ما هي له. فقال الأبله: خبره ما هي لي، فلمن هي؟ فقال: لي. قال: ومن أنت؟ قال: شيطانك الذي أعلمك قول الشعر. فقال له: صدقت، والله يحفظك علىَّ ولا يفرق بيني وبينك.

قال: ابن الرومي الشاعر (٦): مرض الأبله، فدخلت عليه أعوده، فقال: ما بقيت أقدر أنظم شيئًا. قال: فقلت فما سببه؟ قال: إن تابعي قد مات. وتوفي بعد ذلك في جمادى الآخرة وترك ثلاثة آلاف دينار.


(١) "رشفة" في وفيات الأعيان، ج ٤، ص ٤٦٣.
(٢) انظر هذه الأبيات في: وفيات الأعيان، ج ٤، ص ٤٦٣؛ مرآة الزمان، ج ٨، ص ٢٤٢.
(٣) مرأة الزمان، ج ٨، ص ٢٦٢ - ص ٢٦٣.
(٤) باب محول: محلة كبيرة من محال بغداد كانت متصلة بالكرخ. معجم البلدان، ج ١، ص ٤٥١.
(٥) "يروا" في الأصل. والمثبت من مرآة الزمان، ج ٨، ص ٢٦٣ حيث ينقل العيني عنه.
(٦) هو ياقوت بن عبد الله الرومي، أبو الدر، الملقب مهذب الدين، من أهل بغداد. توفي في بغداد سنة ٩٢٢ هـ. انظر: الزركلي: الأعلام، ج ٩، ص ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>