للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ففتح في طريقه مجدل بابا (١) ويافا على ما نذكره، وحضره الملك العزيز (٢) لأنه مقدم مع العسكر المصري، ومضى إلى مصر وما عاد، اجتمع بأبيه وفارق أباه في شعبان والسلطان على صور (٣).

وكتب العماد الكاتب إلى بغداد كتاباً أوله {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (١٠٥)} (٤).

والحمد لله على إنجاز هذا الوعد، وعلى نصرته لهذا الدين الحنيف من قبل ومن بعد، وجعل من بعد عسر يسرا، وأحدث [زمن] (٥) بعد أمر أمراً، وهوَّن الأمر الذي ما كان الإسلام يستطيع عليه صبراً، وخوطب [النبي] (٦) بقوله: {وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى (٣٧)} (٧) فالأولى في عصر النبي - صلى الله عليه وسلم - والصحابة، والأخرى في هذه الدولة التي عتق فيها من رق الكتابة والزمان كهيئته قد استدار، والحق ببهجته قد استنار، والكفر قد ردَّ ما عنده من الشعار، والخادم ينشرح (٨) في هذا الفتح العظيم والنصر الكريم ما يشرح صدر المؤمنين، ويسوء وجوه الكافرين، ويورد من البشرى ما أنعم الله به من يوم الخميس الثالث والعشرين من ربيع الآخر سلخه، وتلك سبعة أيام وثمانية أيام حسوما، عدموا فيها نفوسا وجسوما، فأصبحوا وقد هَوَوْا في الهاوية كأنهم أعجاز نخل خاوية، وأصبحت البلاد إلى الإسلام ضاحكة كما كانت بالكفر باكية.

ففي يوم الخميس فتحت طبرية ويوم الجمعة والسبت كانت الكسرة التي ما أبقت منهم بقية، لا يقوم لهم بعدها قائمة، {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ} (٩) وهي أم البلاد وأخت إرم ذات العماد، إلى غير ذلك من الكلمات.


(١) مَجْدَل يَابَا: أو مجدل يابه، قرية قرب الرملة بفلسطين، بها حصن محكم. معجم البلدان، ج ٤، ص ٤١٨ - ٤١٩.
(٢) الملكَ العزيز: هو عماد الدين أبو الفتح عثمان، ابن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب؛ كان نائباً عن أبيه في الديار المصرية لما كان أبوه بالشام، ولما توفي أبوه بدمشق استقل بملكتها باتفاق من الأمراء. توفي سنة ٥٩٥ هـ. انظر: وفيات الأعيان، ج ٣، ص ٢٥١ - ٢٥٣.
(٣) صور: بلد مشرف على البحر المتوسط، يحيط بها البحر من جميع جوانبها إلا الرابع، وتقع إلى جهة الشرق من عكا. معجم البلدان، ج ٣، ص ٤٣٣ - ٤٣٤.
(٤) سورة الأنبياء، آية رقم ١٠٥.
(٥) ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل، والمثبت من مرآة الزمان، ج ٨، ص ٢٥٣، حيث ينقل العينى عنه.
(٦) "الدين" كذا في الأصل، والمثبت من مرآة الزمان، ج ٨، ص ٢٥٣.
(٧) سورة طه، آية رقم ٣٧.
(٨) "ينشرح" في مرآة الزمان، ج ٨، ص ٢٥٣.
(٩) سورة هود، آية رقم ١٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>