للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال صاحب النوادر (١): كتب السلطان إلى سائر أرباب الأطراف بأن يتقدموا إلى العساكر الإسلامية بالمسير إلى المخيّم، وقال: سار السلطان بالليل وأصبح صبيحة يوم الاثنين الثالث عشر من رجب سائرا إلى عكا من طبرية، إذ لم يكن ثمة طريق يتسع العسكر إلا هو، وسّير جماعةً على طريق تبنين يَستشرفون العدو، ويواصلون بأخبارهم، قال: وسرنا حتى أتينا الحُولة (٢) منتصف النهار، فنزل بها ساعة ثم رحل، وسار طول الليل حتى أتى موضعا يقال له: مُنْية صبَاح يوم الثلاثاء الرابع عشر من رجب.

وفيه بلغنا أن الإفرنج نزلوا على عكا يوم الاثنين ثالث عشر من رجب.

وسار هو جريدة من المنية حتى اجتمع ببقية العسكر الذين كان أنفذهم على طريق تبنين بمرج صَفُورية، فإنه كان واعدهم إليه، ولم يزل حتى شارف العدوّ من الخروبة (٣) وبعث بعض العسكر، فدخل عكا على غرة من العدو تقوية لمن فيها، ولم يزل يبعث [إليها] (٤) بعثا بعد بعث حتى حَصَّل [فيها] (٥) خلق كثير، وعدد وافر، ورتب العسكر، ميمنةً وميسرة وقلبا، وسار من الخروبة، وقد كان نزل عليها يوم الأربعاء خامس عشر الشهر، فسار منها حتى أتى تلا يقال له: تل كيسان في أوائل مرج عكا، فنزل عليه وأمر الناس أن ينزلوا على هذه التعبئة، وكان آخر الميسرة على طرف النهر الحلو، وآخر الميمنة يقارب تل العياضية (٦)، واحتاط العسكر الإسلامي المنصور بالعدو المخذول، وأخذوا عليهم الطرق من الجوانب، وتلاحقت العساكر الإسلامية واجتمعت، ورتب اليزك الدائم والجاليش (٧) في كل يوم مع العدو، وحُصر العدو في خِيامهم من كل جانب، بحيث لا يقدر أن يخرج منها واحد إلا ويجرح أو يقتل.


(١) النوادر السلطانية، ص ١٠٤.
(٢) الحُولَة: اسم لناحيتين بالشام، إحداهما من أعمال حمص ثم من أعمال بَارين بين حمص وطرابلس، والأخرى كورة بين بانياس وصور من أعمال دمشق. معجم البلدان، ج ٢، ص ٣٦٦.
(٣) الخَرُّوبة: حصن بساحل الشام مشرف على عكا. معجم البلدان، جـ ٢، ص ٤٢٨.
(٤) ما بين الحاصرتين مثبت من النوادر، ص ١٠٤.
(٥) في الأصل "فيه" والتصحيح من النوادر السلطانية، ص ١٠٤.
(٦) تل العياضية: هو تل قبالة تل المصلبين، مشرف على عكا. النوادر السلطانية، ص ١٠٨.
(٧) الجاليش: راية عيمة في رأسها خصلة من الشعر تحمل في مواكب السلطان لا سيما المواكب الخاصة بالحرب. السلوك، ج ١ ق ٢، ص ٦٢٨، النجوم الزاهرة، ج ٧، ١٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>