للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين، وكان قد جاءته كتب الأمراء الذين بالموصل سرًا، يبذلون له الطاعة، ويحثونه على الوصول إليهم. فسار إلى الموصل، فأتي مدينة بلد (١)، وعبر الدجلة، وسار فنزل شرق الموصل على حصن نينوي (٢)، ويوم نزوله سقط من سور الموصل بدنة كبيرة. وكان سيف الدين غازي بن أخيه قد أرسل عز الدين (٣) مسعود بن قطب الدين أخيه إلى أتابك شمس الدين (٤) ألدكز، صاحب همذان (٥) وأذربيجان (٦)، وبلد الجبل (٧)، وأصفهان، والرّي (٨)، وتلك الأعمال، يستنجده على عمه نور الدين. فأرسل أيلدكز رسولًا إلى نور الدين؛ ينهاه عن التعرض للموصل، ويقول له: إن هذه البلاد للسلطان، فلا تقصدها، فلم يلتفت إليه، وقال للرسول: قل لصاحبك أنا أصلح لأولاد أخي منك، فلِمَ تُدخل نفسك بيننا؟ وعند الفراغ من إصلاح بلادهم يكون الحديث معك على باب همدان، فإنك قد ملكت هذه المملكة العظيمة، وأهملت الثغور حتى غلب الكُرج (٩) عليها، وقد بليت أنا بالفرنج، وهم أشجع العالم، ولي مثل ربع بلادك، فأخذت معظم بلادهم، وأسرت ملوكهم، ولا يحل لى السكوت عنك؛ فإنه يجب علينا حفظ ما أهملت، وإزالة الظلم عن المسلمين.


(١) مدينة بَلَدَ: هي مدينة قديمة على دجلة، فوق الموصل، بينهما سبعة فراسخ. انظر: معجم البلدان، ج ١، ص ٧١٥.
(٢) حصن نِيَنَوي: قرية يونس بن متي بالموصل. انظر: معجم البلدان، ج ٤، ص ٨٧٠.
(٣) هو المولى السعيد عز الدين مسعود بن قطب الدين مودود بن عماد الدين زنكي أتابك صاحب الموصل. كان مقدم الجيوش في أيام أخيه غازي. ولما توفي أخوه سيف الدين استقل عز الدين بالملك من بعده. توفي في شعبان سنة ٥٨٩ هـ/ ١١٩٣ م. انظر: الباهر، ص ١٨١ - ١٨٩؛ وفيات الأعيان، ج ٥، ص ٢٠٣.
(٤) انظر ترجمته فيما سيأتي ص ١٢١ في وفيات سنة ٥٦٨ هـ.
(٥) همذان: مدينة عتيقة بالجبال بأرض فارس بجوار أذربيجان والموصل والرى. معجم البلدان، ج ٤، ص ٩٨١.
(٦) أذربيجان: إقليم واسع من برذعة مشرقًا إلى أرزنجان مغريًا ويحدها من الشمال بلاد الديلم والجيل والطَّرْم. وعاصمته تبريز. انظر: معجم البلدان، ج ١، ص ١٧١ - ١٧٤.
(٧) بلد الجبل: وهي البلاد المعروفة عند العامة بعراق العجم. وهي ما بين أصبهان إلى زنجان وقزوين وهمذان والدينور وقرميسين والري وما بين ذلك من البلاد الجليلة والكور العظيمة. انظر: معجم البلدان، ج ٢، ص ٢٢؛ تقويم البلدان، ص ٤٠٨.
(٨) الرَّيُّ: مدينة مشهورة من أمهات البلاد وأعلام المدن. وهي مَحَطُّ الحاج على طريق السابلة وقصبة بلاد الجبال. انظر: معجم البلدان، ج ٢، ص ٨٩٢.
(٩) الكُرج: أمة من المسيحيين كانت مساكنها بجبال القوقاز المجاورة لتفليس، ثم استولوا على تفليس من المسلمين سنة ٥١٥ هـ/ ١١٢١ م. ولم يزالوا متملكين لها حتى أغار عليهم جلال الدين خوارزمشاه سنة ٦٢١ هـ/١٢٢٤ م. انظر: مفرج الكروب، ج ١، ص ١٩٢؛ معجم البلدان، ج ٤، ص ٢٥١ - ٢٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>