للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي تاريخ ابن كثير (١): وأما ولد ملك الألمان، فإنه مرض أياما في بلد الأرمن، وهلك أصحابه جوعا ووقع الموت في خيلهم، وحُمل الملك وهو مريض، وساروا أمامه في ثلاث نوب لكثرتهم، ومعظم رجّالتهم حاملون العَصِىَّ وركاب حمير، وهم غير عارفين بالطريق، والناسُ يلتقطونهم ويتخطفونهم، ووصلوا إلى أنطاكية، وضاق بالإبرنس صاحب أنطاكية ذرعا، فلم يجد عندهم مرعى، وطلب منه القلعة، فأخلاها له، ونقل ماله إليها، وسأله أن يجعل طريقه على حلب، فخاف وأبدى الخلاف، وقبل وصوله إلى أنطاكية فلّت جموعه وجنوده، وبليت بحشد التركمان حشوده، واجتازت الفرقة الأولى منهم على بغراس من تحت قلعتها، فخرج رجالها عليهم، على قلتهم، فأسروا منهم أكثر من مائتي أسير وقيل أنهم حسبوا، أن بغراس باقية على حالها مع الداوية، فجاؤا إليها سحرا بأحمالهم وأموالهم السنيّة، فلم يشعر وَاليها إلا بالبغال على الباب واقفة، فخرج إليها وتسلمها بغير طعن ولا ضرب، وتخلى عنها أصحابها لما عرفوا الحال، ولم يعرّجوا على حرب.

وهلك بأنطاكية الكُند الكبير [٨٧]، مقدم العسكر، وحصل للإبرنس صاحب أنطاكية أموال كثيرة من الذخائر المودعة وغيرها، ثم سار هؤلاء الملاعين على طريق الساحل، فخرجت عليهم خيل اللاذقية وجبلة وسقتهم أنواع العذاب، فجدّوا في السير حتى وصلوا إلى طرابلس، وقد نقص نصفهم، وخاف الملك من المسير على الطريق، لما افترق جموعه، فركب البحر في عدد يسير لا يزيد على ألف، واختلط مع الإفرنج على عكا، فسقط اسمه وبطل حكمه، وكذلك شأن من يكفر بالله. وقال ابن كثير: وصل ملك الألمان في [خمسة آلاف] (٢) مقاتل، وإن ملوك الإفرنج كلهم كرهوا قدومه عليهم، لما يخافون من سطوته وزوال دولتهم بدولته، ولم يفرح به إلا المركيس صاحب صور الذي [أنشأ] (٣) هذه الفتنة، وأثار هذه المحنة لعنه الله، فإنه تقوى به وبكيده، وكان خبيرا


(١) انظر البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٣٦٣؛ الفتح القسي، ص ٣٩٥؛ زبده الحلب؛ جـ ٣، ص ١١٥، مفرج الكروب، ص ٣٢٣ ص ٣٢٤.
(٢) "خمسمائة ألف" كذا في الأصل، والمثبت من البداية والنهاية جـ ١٢، ٣٥٨؛ كما ذكر العماد في نصه "وحذرهم من شاهدهم في الطريق بخمسة عشر ألفًا، وسمعنا في حذرهم بالقليل والكثير خلقًا" انظر: الفتح القسي، ص ٤٢٤.
(٣) "حرك" كذا في الأصل والمثبت من البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٣٥٨ حيث ينقل عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>