للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مضوا إلى دمشق لتفقد حال أسراهم، ووصل معهم من أعيان أسراهم أربعة نفر، ثم لم تزل الرسل تتردد بين الطائفتين حتى كان يوم الجمعة تاسع رجب من هذه السنة.

وفى ذلك اليوم خرج حسام الدين حسين بن باريك المهرانى، ومعه اثنان من أصحاب ملك الإنكتار، فأخبر أن ملك الفرنسيس سَار إلى صُور، وطلبوا أن يشاهدوا صليب الصلبوت، وأنه هل هو في العسكر أو حُمل إلى بغداد؟ فأحضر صليب الصلبوت، فلما رأوه سجدوا له، وألقوا أنفسهم إلى الأرض، ومرغوا وجوههم في التراب، وبعثوا يطلبون من السلطان ما أحضره من المال والأسرى والصليب، فامتنع السلطان إلا أن يُرسلوا إليه مَنْ بأيديهم من الأسارى أو يبعثوا إليه برهائن عنده على ذلك، فقالوا: لا، ولكن ترسل ذلك وترضى بأمانتنا، ففهم منهم أنهم يريدون الغدر والمكر، فلم يرسل ذلك إليهم. وأمر برد الأسارى إلى دمشق [١١٨] وبالصليب معهم مهاناً، ولما رأوا ذلك أخرجوا خيامهم إلى ظاهر خنادقهم مُبرزّين، وذلك في نهار الأربعاء الحادى والعشرين من رجب من هذه السنة، وكان الذى برز ملك الإنكتار ومعه خلق عظيم من الخيّالة والرجّالة، وأحضروا ثلاثة آلاف من المسلمين في صعيد واحد، فأوقفوهم وهم موثوقون في الحبال وحملوا عليهم حملة الرجل الواحد، فقتلوهم صبراً ضرباً وطعناً، وذلك يوم الثلاثاء السابع والعشرين من رجب (١).

وقال صاحب النوادر: وكانوا قدموا خيامهم حتى توسطوا المرج بين تل كيسان وتل العياضية، وكان اليزك الإسلامى قد تأخر (٢) إلى تل كيسان، ولما كان يوم الخميس التاسع والعشرين من رجب ركبت الإفرنج بأسرهم وقلعوا خيامهم، وحملوها على دوابهم، وساروا حتى قطعوا النهر إلى الجانب الغربى وضربوا الخيام على طريق عسقلان، وأظهروا العزم على المسير على شاطئ البحر، ولم يستبقوا من المسلمين إلا من كان أميراً أو سريًّا، أو من كان له صنعة وهم يحتاجون إليها، أو امرأة أو صبياً، ثم رحلوا نحو عسقلان (٣).


(١) ورد هذا النص بتصرف في النوادر السلطانية، ص ١٧٠ - ١٧٤؛ الروضتين، جـ ٢، ص ١٨٩.
(٢) "تأخروا" كذا في الأصل والتصحيح من النوادر السلطانية، ص ١٧٤.
(٣) ورد هذا النص بتصرف في ابن شداد، النوادر السلطانية، ص ١٧٤ - ١٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>