للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له إن الإبرنس الأنطاكى قد وصل إلى الخدمة، مستمسكًا بحبل العصمة، داخلا في حكم الذمة، فثنى السلطان عنانه ونزل وأقام، وأذن للإبرنس في الدخول عليه، فدخل عليه وقربه منه ورفع مجلسه، وكان معه من مقدمى فرسانه أربعة عشر بارونيا، ووهب السلطان كلاً منهم تشريفا سريا، وكتب له من مناصفات أنطاكية بمبلغ عشرين ألف دينار، ثم ودعه يوم الأحد وفارقه (١).

وفى النوادر: وأنعم عليه بالعمق (٢) وأزرغان ومزارع تفل [خمسة] (٣) عشرة آلاف دينار (٤). ثم خرج السلطان يوم الأحد وبات بالمخيم على البقاع، ورحل يوم الاثنين وعبر عين الجسر، وبات على مرج يبوس (٥)، ووصل هناك من أعيان دمشق من تلقاه بأنواع التحف من الفواكه وغيرها. ورحل يوم الثلاثاء [١٥٧] وبات بالعرادة (٦)، وأصبح يوم الأربعاء السادس والعشرين من شوال، ودخل دمشق، وخرج كل مَنْ بالمدينة، وحشر الناس ضحى، وكان يومًا مشهودا. وكانت غيبة السلطان عن دمشق أربع سنين (٧) وهو في الجهاد. وكان في دمشق أولاده الملك الأفضل، والملك الظاهر، والملك الظافر، وأولاده الصغار، وكان يحبُّ البلد ويؤثر الإقامة فيه على سائر البلاد، وجلس الناس بكرة يوم الخميس السابع والعشرين منه، وحضر الناس عنده وتملوا برؤيته وطلعته المباركة، وأنشده الشعراء، وعمَّ ذلك المجلس الخاص والعام، وأقام ينشر جناح عدله، ويهطل سحاب أنعامه وفضله، ويكشف مظالم الرعايا.

وفى يوم الاثنين مستهل ذى القعدة، أعد الملك الأفضل دعوة للملك الظاهر، وأظهر فيها من بديع التجمل وغريبه ما يليق بهمته، وكأنه أراد بذلك مجازاته عما كان خدمه به حين وصوله إلى حلب، وسأل السلطان الحضور في دعوته فحضر، وكان يومًا مشهودا.


(١) نقل العينى هذا النص بتصرف من الفتح القسى، ص ٦١٦ - ٦١٨.
(٢) العَمْق: كورة بنواحى حلب بالشام، وكانت سابقًا من نواحى أنطاكية، انظر: معجم البلدان، جـ ٣، ص ٧٢٧.
(٣) ما بين الحاصرتين إضافة من النوادر السلطانية، ص ٢٤٠.
(٤) إلى هنا توقف العينى عن النقل من النوادر السلطانية، ص ٢٤٠.
(٥) مرج يبوس: يبوس اسم جبل بالشام بوادى التيم من دمشق، انظر: معجم البلدان، جـ ٤، ص ١٠٠٧.
(٦) العرادة: قرية على رأس تل شبه القلعة بين رأس على نصيبين تنزلها القوافل. انظر: معجم البلدان، جـ ٣، ص ٦٢٧.
(٧) نقل العينى هذه الفقرة بتصرف من الفتح القسى، ص ٦١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>