للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي تاريخ المؤيد (١): وكان العزيز لما خرج من مصر نزل الغوار من أرض السواد، ثم ذكر قريبًا مما ذكرناه، غير أنه قال (١): لما وصل العادل والأفضل إلى بلبيس، بعدما رجع العزيز إلى مصر قصد الأفضل مناجزته بالقتال فمنعه عمه العادل عن ذلك، وقصد الأفضل المسير إلى مصر والاستيلاء عليها فمنعه عمه من ذلك أيضًا، وقال: "مصرُ لك متى شئت". وكاتب العادل العزيز في الباطن، وأمره بإرسال القاضي الفاضل ليصلح بين الأخوين وكان الأفضل قد اعتزل عن ملابستهم لما رأى من فساد أحوالهم، فدخل عليه العزيز وسأله، فتوجه الفاضل من القاهرة إلى الملك العادل، واجتمع به واتفقا على أن يصلحا بين الأخوين، فأصلحا بينهما، فأقام العادل بمصر عند العزيز ابن أخيه، ليقرر أمور مملكته، وعاد الأفضل إلى دمشق (٢).

وفي تاريخ ابن العميد: وفي هذه السنة عزم السلطان الملك العزيز على قصد دمشق وحصارها، فأشار الأكابر على الأفضل بأن يراسل العزيز أخاه ويلاطفه ويستعطفه، وأشار عليه وزيره الجزري بأن يتوجه إلى عمه العادل ويستنصره على أخيه العزيز، فأصغي إليه، ومال إلى قوله، ورحل من دمشق لأربع عشرة (٣) ليلة مضت من جمادى الأولى، متوجهًا إلى الرَّقة، فتلقاه العادل عمه، فسأله النصرة فأجاب إليه فذهب الأفضل إلى حلب إلى أخيه الظاهر، وجاء العادل إلى دمشق، فدخلها في آخر جمادى الآخرة، ثم قدم الأفضل ودخل دمشق، وصار تحت يد العادل وأمره ونهيه ونفذت سهام العادل وعلم أن ملكهـ صائر إليه، وأما الملك العزيز فإنه لما عيد عَيّد الفطر خرج متوجهًا لحصار دمشق، فحين بَعُدَ عن الديار المصرية فارقه [أبو] الهيجاء السمين والأكراد، وكان المقدّم عليهم، والمهرانية والأسدية لأربع خلون من شوال، ولحقوا بالملك العادل، وأصبح العزيز في قلة من العدد، فرجع إلى مصر، وكان الملك الظاهر صاحب حلب قد اعتقل بدر الدين دُلْدُروم الياروقي؛ لذنب نسبه إليه، واعتقل معه جماعة من أهل بيته، ومضى إلى تل باشر، فحاصرها ولم يقدر عليها، فلما اجتمع بالعادل عند مسيره إلى دمشق، شفع العادل فيهم وضمن له أن يكونوا في خدمته، فقبل شفاعته فيهم وأفرج عنهم وعاد إلى حصار تل


(١) يقصد العيني هنا أبو الفدا صاحب تاريخ المختصر حيث ينقل عنه تلك الأحداث.
(٢) بنقل العيني هذا الحدث بتصرف من المختصر، جـ ٣، ص ٩١.
(٣) "أربعة عشر" في الأصل والصحيح ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>