للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرغون وهم مشهورون بالشر والغدر، فاتفق أنه مات دوشي خان زوج عمة جنكيز خان، والطون خان غائب في مشتاه وقد حضرها جنكيز خان معزيًا، فبعثت إلى كشلوخان ودوشي خان وهما متاخمان لأعمال المتوفي من الجهتين تنعى إليهما زوجها، وتعلم أنه لم يخلف ولدا وأن جنكيز خان يقوم مقامه ويكون في معاضدتهما، فاستصوبا رأيها وأشار عليها بتقليد الأمر إلى جنكيز خان، ثم لما عاد الطون خان إلى مدينة طوغاج شرع يستعرض من حجابه القضايا التي وقعت مدة غيبته إلى أن جاءت تقدمة جنكيز خان وخبره بتوليته موضع دوشي خان، فغضب غضبًا شديدًا حيث تولي بغير أمره، وأمر بقطع أذناب الخيل التي أرسلها جنكيز خان في جملة التقدمة ويردها إليه فلما بلغ ذلك جنكيز خان أستظهر بمن انضم إليه من عشيرته، وخرج عن الطاعة، فلما سمع بذلك الطوني خان أرسل إليهم يعتذر لهم مما صدر منه فلم يزدهم ذلك إلا نفورًا، فحين جرى ذلك وآيس منهم جمع عسكره وسار إليهم، فالتقى هو وإياهم فكسروه أقبح كسرة وقتلوا من عسكره مقتلة عظيمة، ونجي الطون خان بنفسه وهرب إلى ما وراء كنك (١) وأخلى لهم البلاد، فتمكنوا فيها وتملكوها وانضم إليهم من الترك وأوباشها كل طامع في مال، وأخذ أمر الطون خان يتضاعف ضعفًا إلى أن راسلهم قانعًا بما تحت يده من الملك الحقير، فأجابوه إلى ما سأل إلى أن مات كشلوخان وقام أبنه مقامه، فاستحقره جنكيز خان، الصغر سنه، وأخل بالقواعد التي المقررة بينه وبين أبيه، ثم لم يزل يشتد أمره ويكثر جيشه إلى أن ملك البلاد وخضعت له قبائل الترك ببلاد طمغاج (٢) كلها حتى صار يركب في نحو ثمان مائة ألف مقاتل، ويقال: كان في ابتداء أمره خصيصًا عند ملك من ملوك بلاد طمغاج يسمى أوبك خان، وكان إذ ذاك شابًا حسنًا وكان اسمه أولًا تمرجي، ثم لما عظم سمى نفسه جنكيز خان، وكان هذا الملك قربه وأدناه، فحسده عظماء الملك ووشوا به إليه حتى أخرجوه عليه، ولم يقتله، ولم يجد له طريقًا في ذنب يتسلط عليه، فهو في ذلك إذ تغضب الملك على مملوكين صغيرين فهربا منه ولجآ إلى جنكيز خان، فأكرمهما وأحسن إليهما، فأخبراه بما أضمر الملك من أوبك خان من القتل والهم به، فأخذ حذره وتحيز إلى مكان واتبعه طوائف من التتار، ثم صار كثير من أصحاب أوبك خان منفرون


(١) "كِنْك" بالكسر ثم السكون وآخره كاف أيضًا اسم واد في بلاد الهند، معجم البلدان، ج ٤، ص ٣١٢ ..
(٢) طمغاج: كذا في الأصل والنسوي، سيرة جلال الدين منكوبرتي، تحقيق حمدي حافظ، ص ٣٣، وتكتب في بعض المصادر طوغاج، انظر نهاية الأرب، ج ٢٧، ص ٢٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>