فكان هذا بداية الصراع بين العيني والمقريزي، ذلك الصراع الذي استمر بينهما حتى توفي المقريزي، غير أن العيني لم ينعم كثيرا بهذا المنصب، إذ عزل سنة ٨٠٢ هـ / ١٣٩٩ م؛ فخلفه جمال الدين الطنبدي عن طريق البذل، إلا أنه لم يستمر فيه أكثر من ثلاثة أشهر، ثم أعيدت الحسبة للعيني مرة ثانية، ولكنه لم يستمر فيها طويلا حيث صرف عنها بالشيخ تقي الدين المقريزي. وقد تكرر صرفه وإعادته لحسبة القاهرة أكثر من مرة خلال عصر سلاطين الجراكسة وحتى وفاته.
وقد عمل العيني في عدة وظائف منها؛ ناظر الأحباس، وعمل بالوعظ والفتوى، ودرس الفقه بالمدرسة المحمودية، كما برع في وظيفة القضاء.
وقد شغل نفسه بتأليف الكتب وتصنيفها، من ذلك كتاب "معاني الأخبار في رجال معاني الآثار"، "المقاصد النحوية في شرح شواهد شروح الألفية".
ولم ينعم العيني كثيرا بالبعد عن الوظائف العامة والتفرغ للتأليف؛ ففي سنة ٨١٩ هـ/ ١٤١٦ م كلفه سلطان مصر المؤيد شيخ بتولي الحسبة، فكان همه الأول معالجة المشكلة الاقتصادية خاصة الخبز، وقد نجح في ذلك، فازداد حنق حساده عليه، خاصة ابن البارزي الذي كان له ثقله السياسي لدى المؤيد شيخ، فأوعز إليه بإقالة العيني وتولية ابن شعبان بدلا منه، فتم ذلك، إلا أن السلطان خلع عليه بوظيفة نظر الأحباس في السابع والعشرين من ربيع الأول سنة ٨١٩ هـ /١٤١٦ م، فكان هذا ترضية له.
وفي الثامن عشر من ربيع الأول سنة ٨٢٤ هـ / ١٤٢٠ م، كلف المؤيد شيخ العيني بالتوجه إلى بلاد ابن قرمان (قونية)، لكشف أخبارها والحصول من نوابها على يمين الولاء، فالتقى بأمير البلاد على باك بن قرمان، ونجحت مهمته، فأعجب المؤيد شيخ بالعيني، وسمح له بالدخول إلى قصره أربعة أيام دون وساطة، وكان ينوي تعيينه في الحسبة، لولا أن ابن البارزي وقف حجر عثرة في ذلك، فتم تعيين إبراهيم بن الحسام فيها (١).