للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو شامة (١): حج المعظم في هذه السنة ومعه عز الدين أيبك وعماد الدين ابن موسك والظهير بن سنقر الحلبي وغيرهم، وتلقاه سالم أمير المدينة وَخَدَمَهُ وقَدَّم له الخيل والهدايا، وسلم إليه مفاتيح المدينة، وفتح الأهراء وأنزله في داره وخَدَمَهُ خِدْمةً عظيمة، ثم سار إلى مكة فوصلها يوم الثلاثاء سادس ذي الحجه فكانت وقفة تلك السنة يوم الجمعة، وانفصل عن مكة بعد أداء الفرض يوم الثلاثاء ثالث عشر الشهر وقدم المدنية فأقام بها ثم انفصل عنها عائدا إلى الشام وصحبته الأمير سالم (٢) في الخامس والعشرين منه. وقال السبط في (٣) المرآة: والتقاه قتادة (٤) أبو عزيز أمير مكة وحضر في خدمته، وحكى لي المعظم قال: قلت: أين تنزل؟ فأشار إلى الأبطح مبسوطة، وقال: هناك منزلنا بالأبطح، وبعث لنا هدايا يسيرة.

وحج السلطان على مذهب أبي حنيفة -رضي الله عنه- وأتي بجميع المناسك وأحيى السُنة، أحرم قارنًا، وبات بمنى ليلة عرفة، وصلى بها الصلوات الخمس، وسار إلى عرفة وقضى نُسكه كما أمر الله تعالى. قال ولقد رأيت كتفه بعد ما عاد وقد أكلته الشمس وانكشط وقيح. فقلت: ما هذا؟ قال: ما غطيت رأسي ولاكتفى من ثلاثة عشر يوما، قلت: لم يكن له حاجة إلى كشف كتفه فإنه لا يستحب إلا حالة الاضطباع في طواف القدوم. قال السبط (٥): ولما رجع كنت مقيما بالكرك فخرجت للقائه مع جماعة من الأعيان والأمراء والفقراء والفقهاء، فما التفت إلى أحد منهم، ولما رآني ترجل عن ناقته وعانقني وسقنا إلى زيزا (٦). وكان لقاؤنا له على غدير الظرفاء في البرية، وشرع يحكي له صفة حجه وما فعل. وكان والده [٣٤٩] الملك نازلًا على خربة (٧) اللصوص، فقال: أريد أن أنعته


(١) الذيل على الروضتين، ص ٨٧؛ مرآة الزمان، ج ٨، ص ٣٧٣.
(٢) هو سالم بن قاسم بن مهند من الأشراف، من بني الحسن الذين كانوا أمراء المدينة، وكان الشريف سالم مع السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب في فتوحاته: انظر صبح الأعشى جـ ٤، ص ٣٠٠؛ البداية والنهاية، ج ١٣، ص ٧٣؛ مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٣٧٣؛ الذيل على الروضتين، ص ٨٧.
(٣) انظر مرآة الزمان، ج ٨، ص ٣٧٣.
(٤) هو قتادة بن إدريس من الأشراف من ذرية الحسن بن على. وهو أول أمراء مكة من فرعه، أخذها من الهواشم وهو فرع آخر من بني الحسن سنة ٥٩٩ هـ وتوفي سنة ٦١٧ هـ، وقد بقيت مكة في أيدي أسرته حتى عهد الوهابيين، صبح الأعشى، جـ ٤، ص ٢٧٢؛ نهاية الأرب، جـ ٢٩، ص ٦٨، حاشية (٢).
(٥) مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٣٧٣.
(٦) زيزا وهي زَيْزْاء وهي من قرى البلقاء، يطأها الحاج. انظر: معجم البلدان، جـ ٢، ص ٩٦٦.
(٧) خربة اللصوص: واقعة على الطريق بين بيسان ودمشق. انظر: نهاية الأرب، جـ ٢٩، ص ٦٨ حاشية ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>