للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عسكره وفارقه الباقون، فأعطى جلال الدين ملك الإسماعيلية من البلاد ما كان استقر له، وأخذ الباقي أزبك فسلمه إلى أعلمش مملوك أخيه وعادت كل طائفة من العسكر إلى بلادهم ومضى منكلي منهزمًا إلى مدينة ساوة (١) وبها شحنة هو صديق له، فأرسل إليه يستأذنه في الدخول إلى البلد، فأذن له وخرج إليه وتلقاه وقبل الأرض بين يديه، وأدخله البلد، ثم أخذ سلاحه وأراد أن يقيده ويُسيره إلى أغلمش، فسأله أن يقتله ولا يرسله إليه، فقتله، وأرسل رأسه إلى أزبك وأرسله أزبك إلى بغداد، وكان يوم دخوله بغداد يوما مشهودًا.

واتفق (٢) موت ولد الخليفة في ذلك اليوم وهو أبو الحسن علي ابن الخليفة الناصر وكان يلقب بالملك المعظم، وكان جوادًا سمحا وافر المعروف حسن العشرة، وأمر الخليفة بالنياحة عليه في أقطار بغداد وكان الخليفة قد جعله ولي عهده من بعده، وعزل عن ذلك أخاه الأكبر، وكانت وفاته يوم الجمعة العشرين من ذي القعدة منها، ودفن عند جدته بالقرب من قبر معروف الكرخي رحمه الله، فحزن عليه الخليفة حزنا شديدا وكذلك الخاصة والعامة لكثرة صدقاته وإحسانه إليهم ورثاه شرف الدين بن الحلى من قصيدة.

أكذا يَهُدُّ الدهر أطواد الهدى … ويرد بالنكبات شاردة الردى

أكذا تغيب [النيرات] (٣) وينطفي … ما كان من أنوارها متوقدا

ياللرجال لنكبة نبوية … طوت العلا (٤) قلبا عليها مُكمدًا

وهذه قصيدة طويلة ورثاه القاضي بهاء الدين بن النبيه المصري من قصيدة:

الناس للموت كَخَيْلِ الطِرَاد … [فالسابقُ] (٥) السابقُ منها الجواد

والله لا يدعوا إلى داره … إلا من اسَتصْلَحَ من ذا العباد


(١) ساوة: مدينة بين الري وهمذان في وسط بينهما. انظر معجم البلدان، جـ ٣، ص ٢٤.
(٢) لمعرفة المزيد من التفاصيل انظر الكامل، جـ ١٠، ص ٣٦٥ - ص ٣٦٦؛ البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ٧٥؛ مرآة الزمان، جـ ٨ ص ٣٧٥؛ الذيل على الروضين، ص ٩١ - ص ٩٢؛ مفرج الكروب، جـ ٣، ص ٢٢٩ - ص ٢٣٢.
(٣) "النيران" كذا في الأصل والمثبت من مفرج الكروب، جـ ٣، ص ٢٣٠.
(٤) "العلي" في مفرج الكروب، جـ ٣، ص ٢٣٠.
(٥) ما بين الحاصرتين ساقط من الأصل، والمثبت من مفرج الكروب، جـ ٣، ص ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>