للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها أن نور الدين فتح في هذه السنة مرعش في ذي القعدة، وأخذ بَهَسْنَى في ذى الحجة منها.

ومنها أن كلب الروم (١) اللعين خرج في جنوده الشياطين، فقصد الغارة على ناحية زُرَّا من حوران، ونزلوا بقرية تعرف [بسمكين] (٢). فركب نور الدين وهو نازل بالكسوة (٣) إليهم، فلما عرفوا وصوله، رحلوا إلى الفوار ثم إلى السواد، ثم نزلوا بالشلالة (٤)، ونزل نور الدين عشترا (٥)، فأنفذ سرية إلى أعمال طبرية، واغتنموا خُلُوّها، فلما عادت لحقها الفرنج عند المخاضة، فوقف الشجعان حتي عبرت السرية، ورحل نور الدين من عشترا فنزل بظاهر زُرَّا.

قال العماد: وكنت راكبًا في لقائهم مع الملك العادل وهو يقول لي: كيف تصف ما جرى، فمدحته بقصيدة (٦) منها:

عُقِدَتْ بنَصركَ رَايةُ الإيمانِ … وبَدَت لعَصرِكَ آيةُ الإحسَانِ

يا غالب الغُلب المُلوكِ وصَائدَ الصِّـ … ـــيدِ اللُّيُوثِ وفارسَ الفُرسَانِ

يا سَالِبَ التّيجان من أربَابِها … حُزتَ الفَخَارَ علَى ذَوِى التّيجانِ

محمودٌ المحمودُ ما بينَ الوَرَى … في كلٍّ إقليمٍ بكلِّ لسانِ

يا واحدًا في الفضلٍ غير مُشَارَكٍ … أقسَمتُ مالَك في البَسيطَةِ (٧) ثان

ومنها:

وجَلَوت نُورَ الدّينِ ظُلمَةَ ظُلمِهم (٨) … لما أَتَيتَ بوَاضِح البُرهَانِ

وهَزَمتَهُم بالرأي قبل لِقائِهم … والرأىُ قبلَ شَجاعَةِ الشُّجعَانِ

أصبحتَ للإسلامِ رُكنا ثابتًا … والكُفرُ منك مضَعضَعُ الأركَانِ


(١) يقصد بذلك امبراطور الروم Manuel Comenus الذي حكم بين سنتي ١١٤٣ - ١١٨٠ م / ٥٣٨ - ٥٧٦ هـ.
(٢) "بسمسكين" في نسختى المخطوطة أ، ب. والمثبت من الروضتين.
(٣) الكسوة؛ أول منزل تنزله القوافل التي تخرج من دمشق في اتجاه مصر، انظر: معجم البلدان، ج ٤، ص ٢٧٥.
(٤) "الشلالة" الروضتين ج ١ ق ٢، ص ٥٢٨.
(٥) عشترا، موضع بحران من أعمال دمشق. انظر: معجم البلدان، ج ٣، ص ٦٧٩.
(٦) وردت هذه القصيدة في الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٥٢٩ - ٥٣٠. وقد وردت بعض أبياتها في مفرج الكروب، ج ١، ص ٢٢٧ - ٢٢٨.
(٧) "من ثاني" في نسخة ب وهو خطأ.
(٨) "كفرهم" في الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٥٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>