للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن الأثير (١): وفي سنة ثمان وستين سار نور الدين نحو ولاية الملك عز الدين قليج أرسلان بن مسعود بن قليج أرسلان بن سليمان السلجوقي، وهي ملطية (٢)، وسيواس (٣)، وقونية (٤)، وأقصرا (٥)، عازما على حربه، وأخذ بلاده منه. وكان سبب ذلك أن ذا النون (٦) بن دانشمند صاحب ملطية وسيواس وغيرهما من تلك البلاد، قصده قليج أرسلان، وأخذ بلاده، وأخرجه عنها طريدا فريدا، فسار إلى نور الدين مستجيرًا به، وملتجئا إلى ظله، فأكرم نزله، وأحسن إليه، وحمل له ما يليق أن يحمل للملوك (٧)، ووعده النصرة والسعى في رد ملكه إليه (٨). وأرسل [ذو النون] (٩) إلى قليج أرسلان، وشفع إليه في إعادة ما غلبه عليه من بلاده، فلم يجبه إلى ذلك، فسار نور الدين نحوه، فابتدأ بكيسون، وبهسنى، ومرعش، ومرزبان، فملكها وما بينها من الحصون (١٠)، وسير طائفة من عسكره إلى سيواس فملكوها. وكان قليج أرسلان لما بلغه قصد نور الدين بلاده قد سار من "أطرافها" (١١) التي تلي الشام إلى وسطها؛ خوفا وجزعًا، وراسل نور الدين يستعطفه ويسأله الصلح والصفح عنه، فأجابه إلى الصلح (١٢)، وكان في جملة رسالة نور الدين إليه: إنني أريد منك أمورا وقواعد، ومهما تركت منها فلا أترك ثلاثة أشياء:


(١) الكامل، ج ١٠، ص ٤٨ - ٤٩.
(٢) ملطية: ثغر من ثغور الجزيرة مما يلي الروم، وهي مدينة كبيرة من أكبر الثغور، وبين ملطيه ومنبج أربعة أيام، انظر: الاصطخري: المسالك والممالك، ص ٤٣ - ٤٨.
(٣) سيواس: بلد بالروم، إحدى بلاد آسيا الصغرى وتقع على مسافة ٦٠ ميلا من قيسارية. انظر: ابن عبد الحق: مراصد الاطلاع، ج ٢، ص ٧٦٨.
(٤) قونية: من أعظم مدن الإسلام بالروم: معجم البلدان، ج ٤، ص ٢٠٤.
(٥) أقصرا: يطلق عليها الآن أق سراي وهي قرب قونية. انظر: معجم البلدان، ج ٤، ص ٢٠٤ "داخل مادة قونية"؛ انظر: السلوك ج ١ ق ١، ص ١٣٩ حاشية ٤.
(٦) أمير تركي كون لنفسه إمارة مستقلة عن السلاجقة في مدن ملطية وسيواس وقيسارية أثناء تقدم السلاجقة نحو آسيا الصغرى، وقد حكم ذو النون في مناسبتين أولاهما بين سنتي ٥٣٧ - ٥٥٠ هـ/ ١١٤٢ - ١١٥٥ م، وثانيهما بين سنتي ٥٦٤، ٥٩٩ هـ /١١٩٩ - ١١٧٤ م. انظر: معجم الأنساب، ج ١، ص ٢٢٠ - ٢٢١.
(٧) "إلى الملوك" في الباهر، ص ١٦٠.
(٨) ورد هذا النص في الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٥٤٣ - ٥٤٤، الباهر، ص ١٦٠.
(٩) ما بين الحاصرتين إضافة من الباهر، ص ١٦٠.
(١٠) الكامل، ج ١٠، ص ٤٨ - ٤٩؛ كما ورد النص بتصرف في الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٥٤٤.
(١١) "طرقها" في الكامل، ج ١٠، ص ٤٩.
(١٢) وردت الرواية في الباهر بتصرف، ص ١٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>