للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحن بحلب بالميدان الأخضر، وأهدى نور الدين الفيل إلى ابن أخيه سيف الدين غازي صاحب الموصل، مع شيء من تحف الثياب والعود والعنبر، ثم سَيِّره سيف (١) الدين هدية إلى بغداد للخليفة مع ما سيره معه من التحف اللطيفة، وسير نور الدين الحمارة إلى بغداد مع هدايا وتحف سنايا.

ومنها أن صلاح الدين نزل في هذه السنة على الكرك والشوبك وغيرهما من الحصون، فبرح بها، وفرق عنها عُربها، وخرب عمارتها، وبعث سراياه على أعمالها (٢)، وأرسل كتابا بذلك إلى نور الدين.

وقال ابن الأثير وابن شداد: هذه أول غزوة غزاها صلاح الدين من الديار المصرية، وإنما بدأ ببلاد الكرك والشوبك (٣)؛ لأنها كانت أقرب إليه، وكانت في الطريق تمنع من يقصد الديار المصرية، فخرج صلاح الدين في أثناء السنة، فحاصرها، وجرى بينه وبين الفرنج وقعات (٤)، وعاد عنها، فلم يظفر منها بشيء في تلك الدفعة، وحصل ثواب القصد.

وفي المرآة (٥): وفي هذه السنة سار نور الدين إلى الموصل، وصلى في الجامع الذي بناه وسط البلد، وتصدق بمال عظيم.

ولما علم صلاح الدين أن نور الدين قد توجه إلى الموصل، خرج بعساكره [ومضى إلى الشام] (٦)، فحصر الكرك والشوبك، ونهب أعمالها، وكانت جماعة من العرب نازلين بأرض الكرك؛ ينقلون الأخبار إلى الإفرنج، وإذا غاروا على البلاد دلوهم على المسلمين، فنهبهم صلاح الدين، وقتل البعض، وأجلى من بقي منهم عن أرض الكرك، وكتب كتابا إلى نور الدين؛ يخبره بما جرى من العربان، وأنه لم (٧) يبق منهم أحد، فإنهم كانوا


(١) انظر: الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٥٢٦ حيث ينقل العيني قول العماد عنه. أما في سنا البرق الشامي، ص ٦٥ فقد ذكر البندارى أنه "نور الدين".
(٢) أورد ابن واصل هذه الرواية بتصرف، انظر: مفرج الكروب، ج ١، ص ٢٢٤.
(٣) انظر: النوادر السلطانية، ص ٤٥؛ الكامل، ج ١٠، ص ٤٩.
(٤) "وجرى بينه وبين صلاح الدين الفرنج وقعات" كذا في نسخة ب وهو خطأ.
(٥) انظر: مرآة الزمان، ج ٨، ص ١٨٣.
(٦) ما بين الحاصرتين إضافة من مرآة الزمان، ج ٨، ص ١٨٣.
(٧) "وان لا يبقى" في المرآة، ج ٨، ص ١٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>