حسم الصراع في النهاية لصالح الكامل بعد أن كلفه الكثير من الجهود والمال، وأوجد شرخا عميقا في كيان الأسرة الأيوبية، ولم تتوقف مشاكل الكامل عند هذا الحد بل واجه كثيرا من المخاطر الخارجية منها استيلاء الفرنجة على دمياط وظهور الخطر التتاري في الجناح الشرقي بعد استيلاء جنكيزخان على خوارزم وبلاد ما وراء النهر، فكان هذا بمثابة تهديد للقوى الإسلامية، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل واجه المسلمون خطرا جديدا هو تحول الخوارزمية بعد هزيمتهم من جنكيز خان إلى مهاجمة المسلمين وتوغلهم في بلاد الإسلام، وبذلك حاقت بالعالم الإسلامي أخطار عدة، كان أخطرها وأكثرها إيلاما على نفسية العالم الإسلامى ما قام به السلطان الكامل من استنجاده بالامبراطور فردريك الثاني صاحب صقلية وامبراطور الدولة الرومانية المقدسة في غرب أوروبا في مساعدته ضد أخوته وأعدائه نظير تنازله عن بيت المقدس والأراضي التي حررها صلاح الدين من الصليبيين، فكان هذا بداية النهاية بالنسبة للدولة الأيوبية، ولقد كثرت الآراء وتباينت الأسباب والدوافع التي دفعت الكامل إلى ما قام به. وإن كنا نرجح أن قيامه بهذا راجع إلى طبيعته الشخصية وتكوينه النفسي الذي غلب عليه روح التسامح قبل روح القتال، فانفرد برأيه دون أخوته، فأضاع على الأيوبيين بوجه خاص والمسلمين بوجه عام ما زرعه أسلافه.
بقي على أن أشير هنا إلى أمرين كبيرين هما:
أولا: إن هذا السفر تضمن الكثير من الأحداث السياسية والتراجم الشخصية ووفيات بعض الأعيان … الخ.
ثانيا: اعتمدت في تحقيق هذا الجزء على القسمين الثاني من الجزء السابع (عشر ميكروفيلم ٣٧٦٦٦) ويشتمل على السنوات من ٦١٦ هـ / ٦٢٠ هـ، والقسم الأول من الجزء الثامن عشر (ميكروفيلم ٣٥٧٥٦) ويشتمل على السنوات من ٦٢١ هـ/ ٦٢٨ هـ وهما من نسخة دار الكتب المصرية الورقية رقم ١٥٨٤ / تاريخ، والتي تتكون من ٣٦ جزءًا.