للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جنكيزخان وهو مخيّم على الطالقان، فجهز منهم طائفة إلى غزنة، فاقتتل معهم جلال الدين المذكور فكسرهم كسرة عظيمة على ماذكرنا، واستنقذ منهم خلقًا من أساري المسلمين، ثم كتب إلى جنكيز خان يطلب منه أن يبرز بنفسه لقتاله، فقصده جنكيزخان فتواجها، وقد مزق جلال الدين بعض جيشه ولم يبق له بُدّ من القتال، فاقتتلوا ثلاثة أيام لم يعهد مثلها قبلها من قتال، ثم ضعف أصحاب جلال الدين فذهبوا فركبوا في البحر يعني بحر الهند، فسارت التتار إلى غزنة فأخذوها بلا كلفة ولا ممانعة (١).

وفي تاريخ النويري (٢): ولما فرغ التتار من خراسان عادوا إلى ملكهم جنكيزخان، فجهز جيشا كثيفا إلى غزنة (٣) وبها جلال الدين منكبرتي بن خوارزم شاه مالكا لها، وقد اجتمع إليه كثير من عسكر أبيه. قيل: كانوا ستين ألفا مقاتلين، وكان الجيش الذي أرسله جنكيزخان اثني عشر ألفا [٤٠٦] فالتقوا مع جلال الدين واقتتلوا، فانتصر المسلمون وانهزمت التتار، وتبعهم المسلمون يقتلونهم كيف شاؤوا، ثم أرسل جنكيز خان جيشا آخر أكثر من الأول مع بعض أولاده، فوصلوا إلى كابل (٤) واقتتلوا مع المسلمين فانهزم التتار أيضا وقتل المسلمون منهم خلقا كثيرا وغنموا شيئا كثيرا، وكان في عسكر جلال الدين أمير كبير مقدام هو الذي كسر التتار على الحقيقة يقال له: بغراق فوقع بينه وبين أمير آخر كبير يقال له: ملك خان صاحب هراة وله نسب إلى خوازرم شاه، وكان سبب الوقوع المكسب قتل فيه أخو بغراق، فغضب بغراق وفارق جلال الدين، وسار إلى الهند وتبعه ثلاثون ألف فارس، ولحقه جلال الدين واستعطفه، فلم يرجع، فضعف عسكر جلال الدين بسبب ذلك، ثم وصل جنكيزخان بنفسه في جيوشه، وقد ضعف جلال الدين بما نقص من عسكره بسبب بغراق، فلم يكن له بجنكيزخان قدرة، فترك جلال الدين البلاد وسار إلى الهند، وتبعه جنكيزخان حتى أدركه على ماء عظيم وهو نهر السند، ولم يلحق جلال الدين ومن معه أن يعبروا النهر فاضطر إلى القتال، وجرى بينهم وبين جنكيزخان


(١) ورد هذا الحدث بتصرف في الكامل، ج ١٠، ص ٤٢٢ - ص ٤٢٣؛ البداية والنهاية، ج ١٣، ص ٩٨
(٢) لم يرد هذا الخبر في النويري، وإنما ورد في الكامل، ج ١٠، ص ٤٢٢ - ص ٤٢٣؛ البداية والنهاية، ج ١٣، ص ٩٨.
(٣) غزنة: مدينة عظيمة وولاية واسعة في طرف خراسان وهي الحد بين خراسان والهند.
انظر: معجم البلدان، ج ٣، ص ٧٩٨.
(٤) كابل: تقع بين الهند وغزنة ونواحي سجستان في ظهر الغور.
انظر: معجم البلدان، ج ٤، ص ٢٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>