للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكان بيسرى قد علم أن السلطان يكرمه بهذا، وكان قد أعد له سرجا يليق لرمى القبق، وهو السرج الذى يكون قربوسه الورانى وطئة حتى إذا مال على قفاه لا يؤلمه ذلك، فركب ذلك السرج، واستعمل القبق وهو نائم على علاق قفاه إلى أن وصل إلى مكان الرمى رماه فأصابه، ثم عاد ورماه على يساره فأصابه (١)، ثم دخل بعده أمير سلاح، ثم أمير بعد أمير، [٦٤] ومقدم بعد مقدم، وجندى بعد جندى.

وكان ذلك اليوم يوما عظيما، ما عهد يوم قبله مثل ذلك، ثم إن السلطان رجع وهو مسرور بذلك إلى الدهليز، ودارت على الأمراء السقاة بأوانى الذهب والفضة والبلور، وشرع الجند إلى الأحواض التى نصبت للشرب، وكانت قدر مائة حوض، وأقام السلطان فى ذلك يومين والثالث، وفى اليوم الثالث قال السلطان لبيسرى: بقى هذا اليوم، ادخل وارم. قال: يا خوند، خل عنا الشيوخ، وخلنا نتفرج اليوم على هؤلاء الشبان الذين كل واحد منهم أحسن من الحور فى الجنة، فتبسم السلطان، وأشار إلى خاصكيته أن يتقدموا ويرموا القبق، فدخل طغج، وعين الغزال، وأمير عمر، وكيكلدى وقشتمر العجمى، وبرلغى وأعناق الحسامى، وبكتوت الصهيونى، ونحو من خمسين أميرا من الخاصكية، وعليهم تتريات [حرير] (٢) أطلس بطرازات زركشى، وكلوتات زركشى، وحوائص الذهب، ودخل كل واحد منهم مداخل بحسب الجانبين، وأنار بواضح سناه على النيرين، ورمى وهو يهز عطفيه فأصاب الغرض قبل الإيماء


(١) أحدث الأمير بيسرى فى ذلك الحفل تعديلا جديدا فى رمى القبق - انظر نهاية الأرب (مخطوط) ج ٢٩ ورقة ٣٠٤ أ، السلوك ج‍ ١ ص ٧٨٦.
(٢) [] اضافة للتوضيح، من المواعظ والاعتبار ج‍ ٢ ص ١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>