المنصورية، كما ذكرنا، وباشر فى ديوان ولده الأشرف كان رفيقه فى المباشرة رجل يقال له نجم الدين بن عطايا، كان شاهدا بديوان الأشرف، فحصل بينه وبين ابن سلعوس إلمام عظيم ومودة عظيمة، واتفق أن ابن سلعوس خرج من مصر وأقام بدمشق، فكان هذا الرجل يكتب إليه كل ما يتفق فى مصر من الوقائع ويعلمه بذلك، وكان يهادى بعضهما إلى بعض.
وكان نجم الدين هذا يسعى عند الأمراء وحاشية السلطان فى أن يوليه القاضى تقى الدين فى شئ من الوظائف الدينية، وكان ابن سلعوس أيضا بعث إليه من من الشام وسأله فى أمره، فلما حضر قاصده إلى القاضى قال: يا سيدى القاضى شمس الدين يسلم عليكم، فقال القاضى: أى شمس الدين؟ فقال: صاحب ديوان الملك الأشرف. قال: تاجر البطاين، فرجع القاصد وعرف ابن سلعوس بذلك، فمضت على ذلك مدة وجماعة كثيرة يسعون له عند القاضى وهو يسوف من وقت إلى وقت إلى أن حضر نجم الدين مع جماعة عند القاضى فى أمر ميراث وتوكل فيه، وادّعى على الأخصام بدعوى غير سائغة، فنظر القاضى إليه وقال:
يا نجم الدين أصلح دعواك، فخرج وعاد ثانيا، فردّه القاضى وقال: أصلح دعواك، فلما فرغ من الدعوى طلبه وسأله عن مسألة، فلم يجب عنها، وصار القاضى يفهمها له، فلم يفهم، ثم قال له: يا نجم الدين كيف يحل لك تسعى أن تتولى مجلسا من مجالس الحكام ولا تحسن طريق الدعوى السائغة، ولا تجيب عن مسألة، ارجع إلى الله تعالى ولا نثقل على بعد ذلك بأحد فى ولايتك، واذهب واشتغل بالعلم، ولا ألقى الله وفى صحيفتى ولايتك.
وتطاولت المدة على ذلك إلى أن تولى الملك الأشرف بعد وفاة والده المنصور وحضر ابن سلعوس واستقر فى الوزارة كما ذكرنا، وعزل القاضى تقى الدين من