وظيفة القضاء ثم صار يأخذ منه وظيفة بعد وظيفة إلى أن بقى معه نظر الخزانة وشئ من وظائفه، وحصلت سفرة عكا، فكتب السلطان إلى نائب الغيبة من غير علم الوزير أن يطلب ناظر الخزانة وسائر مباشريها ويأمرهم بكتابة ما فيها من الحواصل، وسيرها صحبة البريدى، فكتب نجم الدين بن عطايا المذكور إلى الوزير وعرفه بذلك، وأن القاضى هو الذى فعل ذلك بسعايته، فبقى فى نفس الوزير ذلك، فلما قدم إلى مصر تلقاه الناس على العادة والقاضى فيهم، فأقبل يسلم على الوزير فلم ينصفه فى الجواب، ثم قال له يا مولانا تقى الدين: جهز عشرين [٦٧] ثوبا أطلس لأجل الفرش عند دخول مولانا السلطان، فقال يا مولانا الصاحب: ما سبقك بهذا أحد ولا سبقنى أيضا قاض بهذا، ورجع عنه وفى وجهه التغير، ثم عمل القاضى تقى الدين للوزير قصيدة من نظمه وعظمه فيها، وقصد بذلك ملاطفته ومداراته، فلما دخل إليه أراد أن ينشدها وهو واقف، فمنعه من ذلك (١)، وهى قصيدة طويلة أولها هو قوله:
شكر الله ما صنعت ويرعى … فهو قد حل فى البرية وقعا
وكانت هناك جماعة كثيرة، فدخلوا على الوزير أن يسمعوا القصيدة، فأمر بذلك، ولما فرغ من إنشادها تبسم الوزير، وقال: يا مولانا تقى الدين:
عظمت تاجر البطاين كثيرا، فخجل القاضى، ثم قال: يا مولانا الوزير: المرء بنسبه لا بحسبه، وليس رئيس القوم من يحمل الحقد، ثم شرع الوزير بعد ذلك فى العمل عليه إلى أن طلب بعض الكتاب، فكتبوا عليه بمائة وعشرين ألف
(١) «أراد إنشادها بنفسه فحلف الوزير عليه، فأنشدها أخوه علاء الدين» - السلوك ج ١ ص ٧٨٥.