للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلم يجدوا لذلك سبيلا، ورسم السلطان أن لا يتعرضوا لأحد، وأرمت جماعة كثيرة نفسها فى البحر، ووقف الناس صفوفا صفوفا، ووقف السلطان والنائب والخاصكية قدام دار النحاس (١)، فدارت الشوانى بين يديه، وقد صنعت فى وسطها أبراج وقلاع، وفيها مقاتلون، والنفط، والمكاحل، ونحو ذلك، وأظهر كل مركب صنعة تفتخر بذلك على غيره من المراكب، فلم يزل السلطان يتفرج على ذلك إلى قريب الظهر، ثم رجع إلى القلعة والذى اتفق فى ذلك اليوم ما اتفق لأحد من الملوك.

قال صاحب التاريخ: وأخبرنى جماعة من أهل المراكب أن أحدا منهم قد استكمل أجرة مركبه سنة كاملة فى هذا اليوم، وأن الراكب فى مركب كبير قد استكراه فى ذلك اليوم بسبعمائة درهم وأكثر، وأبيع سبعة أرطال خبز بدرهم بعد أن كان اثنى عشر رطلا بدرهم، وكذلك اللحم وغيره زاد سعره من كثرة الزحام والخلق.

قال الراوى: وأنشدنى الشيخ فتح الدين، [٧٣] شيخ الحديث بيتين لابن عنين فى لعب الشوانى فى أيام الأشرف وهما:

يا أيها الملك المسرور أمله … هذى شوانيك تجرى يوم سرّاء

كأنها شبه أطيار بها ظمأ … طارت إلى الجو وانتثرت على الماء

وفيها رسم للأمير عز الدين أيبك الخزندار بنيابة طرابلس، عوضا عن الأمير سيف الدين طغريل اليوغانى (٢) ورسم بحضوره إلى مصر.


(١) دار النحاس: تطل على ساحل الفسطاط (مصر القديمة) قبيل فم الخليج من جهة الفساط، وهى المنطقة المحصورة حاليا بين كوبرى الملك الصالح، وبداية سور مجرى العيون بفم الخليج.
(٢) «الإيغانى» فى السلوك ج‍ ١ ص ٧٨٠، ص ٧٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>