وتولى الأمير سيف الدين طوغان نيابة السلطنة بقلعة الروم، عوضا عن الأمير عز الدين الموصلى.
وفيها أرسل السلطان الأمير علم الدين الدوادارى إلى صاحب القسطنطينية، وإلى أولاد بركة، ومعه تحف كثيرة جدا، فلم يتفق خروجه من قبل السلطان، فعاد إلى دمشق.
وفيها وصل مملوك نائب حلب يخبر بحضور رسل كيخاتو ملك المغول، وهم جماعة كثيرة، ويستأذن لدخولهم، ورسم له بذلك، ورتبوا الإقامات عند ما وصلوا إلى الصالحية، وخرج المهمندار (١) إلى لقائهم، وأمر السلطان الأمراء والجند - يوم عبورهم فى الخدمة - أن يزينوا أنفسهم، فيلبسوا الكلوتات الزركش والمطرز وغيرها، واستقبالهم من باب القلعة، وقد ترتبوا من خارج الباب إلى الايوان صفين أمراء وأجناد ومقدمون، فلما رأوهم إندهشوا من مهابتهم وترتيبهم، فأوصلوا الكتب، وتكلموا مشافهة أيضا، على أن القان يقصد أن يدخل إلى مدينة حلب ويقيم فيها، ويجعل مقامه فيها، فإنها مما فتحه أبوه هلاون بسيفه، وهى فى ملكه، وإن لم يسمح بذلك فهو يقصد العبور إلى الشام.
فأسرع السلطان بالجواب، وهو يبتسم، وقال: الحمد لله الذى وافق أخى القان ما كان فى نفسى فكنت قد تحدثت مع أمراء دولتى أن أسيّر طالبا من أخى بغداد، وإن لم يسمح لى بها ركبت ودخلت بعسكرى وأخربت بلاده، وقتلت
(١) المهمندار: لفظ مركب من كلمتين فارسيتين بمعنى ممسك الضيف، وصاحب هذه الوظيفة هو الذى يتلقى الرسل والعربان الواردين على السلطان. وينزلهم دار الضيافة، ويتحدث فى القيام بأمرهم - صبح الأعشى ج ٤ ص ٢٢، ج ٥ ص ٤٥٩.