للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن رعايانا هذه الظلامة ويستجلب لنا الدعاء (١) من الخاصة والعامة (٢).

وفى نزهة الناظر: وكان قد شغف بتحصيل المماليك إلى أن كمل ألفا ومائتى مملوك، وأضافهم إلى مماليك والده، وقصد أن يكملهن مع مماليك أبيه عشرة آلاف مملوك، فإن والده توفى عن ستة آلاف مملوك فى مدة سلطنته، وكان أول غزوته وفتوحه حصن عكا، وكان حصنا عظيما، وأخذ صور، وعثليت وغيرها، وفتح صيدا، وبيروت، وملك بهسنى وثلاث قلاع من قلاع سيس، وعزم على دخوله إلى ناحية بغداد ويدوس بلاد العدوّ، وكتب إلى نائب حلب بتجهيز سلاسل للجسور لدخوله الفرات، وقبض على مهنى وإخوته، وخافته الملوك من سائر الأطراف وأذعنوا له بالطاعة.

ومع ذلك كان ملكا حادّ النفس، فيه رهج واستهتار بالأمور واستخفاف بأكابر الأمراء، وكان لا يفتكر ما يفتكره الملوك من العواقب، فمن ذلك ما اتفق له مع الأمير بيسرى، وهو أكبر الأمراء بمصر وأجلهم رأس الميمنة، وذلك أنه جلس يوما فى شباك الميدان، وأحضر بين يديه سيفا وثورا كبيرا، والتفت إلى البيسرى وقال: يا أمير بدر الدين: تحبنى أولا؟ فقال يا خوند: وكيف لا أحبك، وقد خليتنى من السجن وأحسنت إلىّ. فقال له: بحياتى عليك، قم واركب على هذا الثور، فنهض من ساعته، ولم يعلم ما أراد. كوبه، فلما صار على ظهر الثور، قال للسباع: أطلق السبع على الثور، فهجم عليه، فكسر الثور، ووقع اليسرى من ظهره، وطارت كلوتاته من رأسه، وانكشفت ثيابه


(١) «الدعاء لنا» فى تاريخ ابن الفرات.
(٢) انظر الوافى ج‍ ١٣ ص ٤٠٢ - ٤٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>