للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمر بذلك وكتب تقليده، فدخل به الدوادار إلى السلطان المنصور ليعلم عليه، فدفعه بيده وقال: خله عندك، فبقى أياما على ذلك، ثم استحث الأشرف على التقليد، فاتفقت أنا والأمير الدوادار ودخلنا على السلطان. فقلنا: تقليد ولد مولانا السلطان الذى لقب بالأشرف، فدفعه بيده وقال: خلوه عندكم والله ما يطيب خاطرى تولية هذا الصبى، فإنه مجنون لا يفتكر فى عاقبة الأمر، ولا يحسن تدبير الملك، وأنا مفتكر كيف يكون أمره بعدى. قال: وبقى الأمر إلى حين توفى السلطان المنصور وتولى الأشرف، ولما جلس على تخت الملك أول ما سألنى فقال لى يا فتح الدين: هو ما رضى بى سلطانا، فالرب تعالى رضى بى وجعلنى سلطانا.

قال صاحب التاريخ: ومن ذلك ما اتفق له مع الملك المظفر (١) صاحب اليمن، فإنه لما بلغه موت السلطان الملك المنصور قلاون أقام مدة ولم يسير الهدنة التى جرت بها العادة، فكتب الأشرف إليه كتابا فيه تخويف وتهديد وعرض له باشتغاله باللهو والطرب والتخلى مع النساء وغير ذلك مع الأشياء الخارقة لحرمته.

وكان آخر قوله فى كتابه لأخرجن اليمن عن يمينك، واقتل من آل إليك أو والاك؛ وكتب العلامة بين الأسطر غير شاكرة، وجعلها سطرا مطولا بقلم طومار، وكتب عنوان الكتاب: يصل إلى الخارجى باليمن، وسيره مع بعض الكارم، وعرفه أنه يجهز عقيبه عسكرا إذا لم يحضر إليه بالجواب والهدنة على عادته، ولما أوصله الكارم إلى الملك المظفر، فرأى عنوانه يصل إلى الخارجى


(١) هو يوسف بن عمر بن على بن رسول، الملك المظفر، صاحب اليمن، توفى سنة ٦٩٥ هـ‍ ١٢٩٥ م - المنهل الصافى، وانظر ما يلى.

<<  <  ج: ص:  >  >>