باليمن رده إليه وقال: هذا الكتاب ما هو لى وهذا عنوانه: إلى الخارجى باليمن، فإن كنت تعرف الخارجى باليمن فأوصله إليه، وإلاّ رده إلى صاحبه، وكان الملك المظفر رجلا عاقلا، وافر العقل، كثير المحاسن، ولما بلع إليه الكارم ما قال له الملك الأشرف مشافهة. قال الملك للمظفر: هذا كلام من غلب عليه الجهل والشغاب، وكان من الأمور المقدرة أن توفى الملك المظفر والملك الأشرف كلاهما جميعا.
وذكر صاحب النزهة أيضا: أن أول ما اعتمده الأشرف حين ولى السلطنة أنه أطلق سائر من كان فى السجون من المصادرين وأرباب الدواوين، ورسم برفع المظالم عن الناس، وأبطل الرماية على التجار، ورسم للوزير أن لا يتعرض لظلم أحد من الناس، وقال: وقد ذكرنا ما كان يعتمد الجند من الملابس العجيبة فى الدولة الماضية، وأن السلطان المنصور أزال أكثرها عن الجند والأمراء؛ [٨٢] ثم لما تولى الأشرف اختار لمماليكه وخاصكيته الملابس الحسنة؛ وغير الكلوتات الصفر والجوخ، وأمر لسائر الأمراء أن يركبوا بين مماليكهم بالكلوتات الزركش والطرازات الزركش والكناش الزركش والأقبية الأطلس حتى يتميز الأمير بلبسه عن غيره، وكذلك فى الملبوس الأبيض الرفيع، والسروج المرصعة الأشرفية والأكوار، وقضى مماليكه وحاشيته فى دولة أستاذهم أيامهم بالهنا والسرور والخيرات فيما بينهم والهبات والتهادى، وكان السلطان شرط عليهم أن لا يبيت أحد منهم فى غير القلعة، وفى النهار يفعل ما يختاره.
قال الراوى: وأما سماط الأشرف ومأكله فكان من أفخر الأطعمة وأحسنها وأكثرها.