للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينتظره، وقال يا أمير: مالك؟ كمّلت حملك؟ قال له: بقى ثمان مائة دينار ولكن لى شغل عند مولانا الوزير، فاستأذن علىّ، فأرسل خادما من الخدام، فشاور عليه، فخرجت الرسالة للمقدم: متى لم يكمل الليلة ألف دينار، عرّه واضربه بالمقارع، فقال المقدم: يا أمير سمعت الجواب. فقال: مرسوم الصاحب على الرأس، فاليوم يكمل إن شاء الله، ولكن عرّفه أن ثمة شغلا ضروريا؛ فلا بد من الاجتماع به والمشاورة عليه، فدخل الخادم فعرفه بذلك، فأذن له، فدخل فوجده جالسا بعجب وعظمة والموكبية تعد قدامه. فقال:

كملت الحمل؟. فقال: نعم يا مولانا. فقال: ما تريد وأى شئ تشاور؟ فقدم له البطاقة من جيبه وناولها إياه، فقرأ أولها وبهت فيها إلى أن استكملها، ثم رفع رأسه فقال: يا بدر الدين: ما بقى إلا مروءتك وفتوتك فى هذا الوقت.

فقال له: ما عندى شئ يشوش عليك ولكن متى قعدت الليلة ويصبح أهل البلد [٩٠] ويطلعون على الأمر، ما يخلون يصل على الأرض من دمك قطرة.

فنهض على الفور صحبته إلى أن أخرجه فى الليل من باب الإسكندرية، وأشاع أن السلطان سيّر بطلبه، فخرج معه شخص من الدماشقة وكان يصحبه، فأخفى نفسه إلى أن وصل إلى زاوية الشيخ ابن عبد الظاهر (١) خارج باب البحر، فقال له يا مولانا الصاحب: أنا أشير عليك بأن تخفى نفسك من هاهنا أياما إلى أن تنظر بعد ذلك ما يتفق للناس، ثم تتحيل لخلاص نفسك، فالتفت إليه


(١) «زاوية الشيخ جمال الدين أحمد بن محمد بن عبد الله الظاهرى» - السلوك ج‍ ١ ص ٧٩٦. وعن هذه الزاوية وصاحبها - انظر المواعظ والاعتبار ج‍ ٢ ص ٤٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>