للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالمغضب وقال: ما تستحى؟ تشير على برأى العوام، إش هذا الرأى الفاسد؟ والله لو فعل هذا بعض العمال الذى تحت يدنا لقبحنا ذلك منه، فكيف يليق بى أن أفعل ذلك، فكأنك تعتقد أنهم ما هم محتاجون إلى تدبيرنا لدولتهم، وما لهم غنى عنا، فسكت الرجل وتمثل بقول الشاعر:

لكل داء دواء يستطبّ به … إلا الحماقة أعيت من يداويها

ثم إن الوزير وصل إلى القاهرة ودخلها بالليل (١)، فنزل بداره بحارة زويلة، فبلغ الشجاعى حضوره، فعرفه لزين الدين كتبغا، فرسم بطلبه، فطلب الشجاعى الحاجب فقال له: انزل إلى الوزير وقل له: يا مولانا الصاحب إن الأمراء يسلمون عليك ويسألونك أن تركب إليهم، فإن الدولة محتاجة إلى تدبيرك، فنزل الحاجب إلى داره، واستأذن فأذن له، فدخل عليه وسلم بأدب، وعرفه بما قالوا له، فأعجبته نفسه، وقال: بسم الله اجلس حتى تحضر الجماعة، فسيّر إلى الكتاب والمباشرين، فعرفهم أنه طلب للوزارة، فركب إليه الناس وسائر الدواوين والمشدين، فاجتمع خلق كثير، وحضرت القضاة أيضا.

فركب فى موكب عظيم كما كان بعهده إلى أن وصل إلى القلعة، فدخل على الشجاعى فنهض إليه، وقال: كيف حال مولانا الصاحب؟ فقال: بخير.

فقال السلطان: ولدك رسم أن تستقر على وزارتك وتدبير الدولة. فقال: حتى نجتمع بالسلطان ونذكر له شروطا نقررها بين يديه. فقال له: بسم الله والسلطان


(١) يذكر المقريزى أن الوزير ابن السلعوس بات ليلته فى زاوية الظاهرى «ثم ركب منها بكرة بهيئته ودسته إلى داره» - السلوك ج‍ ١ ص ٧٩٦ - ٧٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>