للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيضا له شروط، أولها: أنه يطلب منك أن تنفق على العسكر لأنه سلطان جديد، فإذا كملت النفقة تجتمع به، ثم التفت إلى قراقوش الظاهرى (١) - الذى ذكرنا قضيته وما جرى عليه معه من المصادرة (٢) - وقول قراقوش له: ويلك هل أنت إلا المقوقز الذى أخربت مصر وقتله الوزير بعد ذلك بالمقارع. فقال له: يا أمير بهاء الدين، تسلّم غريمك وخلص منه مال السلطان.

فأخذه أشدّ أخذ، ففى تلك الساعة خرجت تلك الحماقة من رأسه من قوة الصفع بالأيدى، وانقلب ذلك الموكب الذى طلع فيه إلى القلعة إلى الذلة والهوان فخرجوا به، وبلغ ذلك إلى كتبغا وأنه تسلمه قراقوش، فعلم أن نقلته فى ليلته ويروح ماله، فرسم كتبغا أن يتسلمه الأمير بدر الدين المسعودى مشدّ الدواوين، فأحضروه إليه، وصحبته تقى الدين الأعمى الذى كان نديم بيدرا الذى لا يكاد يفارقه ويجلس معه عند جواريه ومغانيه كما ذكرناه، وكان له فضيلة وشعر وحكايات، وحصل له جملة مال من قضاء أشغال الناس وحوائجهم عند بيدرا، ووجد له مال كثير، وفى جملته نحو من ثمان مائة خاتم ما بين ساذح وبفص، فإنه كان إذا ركب أو مشى وسلم [٩١] خلفه أحد بمشعل أو غيره، فيمدّ يده إليه فيصافحه ويجس يده، فأىّ خاتم وجده فى يده أخذه، ولو كان أىّ خاتم كان، وفى يد أىّ من كان، ثم إن المشدّ يحضر الوزير ويعاقبه، ومسكوا أيضا جميع من كان يلوذ به من الدماشقة والمصريين وغيرهم إلى أن حصل من جهتهم أربعمائة ألف درهم بعد قتلهم بالمقارع.


(١) «شاد الصحبة» فى السلوك ج‍ ١ ص ٧٩٧.
(٢) انظر ما سبق ص ٧٦ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>