للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفى نزهة الناظر: ومن حزن فى تلك السنة غّلة ربح ربحا نهاية، ولكن كثير منهم أصيب فى نفسه بشئ من الآفات التى نفق فيها ما كسبه من ذلك.

قال: إن بعض أصحابنا كان عنده نحو ستمائة أردب، وباع كل أردب بمائة وخمسين ونيفا، ثم لما رأى زيادة السعر فى الثمن ندم على ذلك ندما عظيما، ثم عمّر من ثمن القمح الذى باعه قصرا وزخرفه بالرخام وغيره، وعند فراغه احترق جميعه حتى لم يبق منه شئ ينتفع به أصلا.

قال: وكان الناس فى أشدّ ما يكون من ذلك، والسلطان ينزل إلى الميدان وهو خائف على نفسه، محترس من إيقاع فتنة، ووقع فى خاطره أن يعمل اصطبل الجوق الذى للمماليك السلطانية ميدانا، وهو اصطبل مجاور لبركة الفيل مقابل للجامع الطولونى، وحسن له الأمراء ذلك فعمّر ميدانا، وأنشأ حوله أماكن وبيوتات، وأول ما أنشأ فيه علم الدين سنجر الخازن، فنسب الحكر جميعه بإنشائه وبقى إلى يومنا هذا معروفا بين الناس بحكر الخازن، واتخذت فيه الأمراء الإصطبلات والمناظر، واتصلت العمارة إلى بركة الفيل، فصار حكرا كبيرا إلى الغاية، وكان السلطان ينزل إليه من القلعة ولا يجد أحدا من العالم يقف بين يديه، ولا يدعو أحد غير جماعة من أصحاب الدكاكين هناك.

قال: وفيها توقف حال الوزير فظلم الناس كثيرا، ولذلك شرعت حاشية السلطان ومماليكه فى أخذ الأموال والبراطيل، فحصل للناس بسبب ذلك ضرر عظيم، ومع ذلك كانوا يسيئون الأدب على الأمراء والأجناد، وضاقت الأحوال على الناس من وجوه كثيرة، ومع هذا توقفت حال الفلوس إلى أن استقرت بالميزان، وهذا أول من وزنت الفلوس فى دولته، كل رطل بدرهمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>