للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما كانوا بالمكان المذكور قتل لاجين الأمير سيف الدين بتخاص، وبكتوت الأزرق النابلسى، وأخذ الخزانة بين يديه والعدد، وقصد ديار مصر، فلما سمع العادل بذلك خرج من الدهليز، وساق جريدة إلى دمشق، فدخلها كما ذكرنا، وتراجع بعض مماليكه كزين الدين أغلبك (١) وغيره. وأقام السلطان بالقلعة لا يخرج منها، وأطلق كثيرا من المكوس، وكتب بذلك تواقيع، وقرئت على الناس، وغلا السعر جدا.

ولما دخل لاجين إلى مصر دخلها فى أبهة عظيمة، وتابعه الأمراء، وملك عليهم، وجلس على سرير الملك يوم الجمعة العاشر من صفر، ودقت البشائر، وزينت البلد، وخطب له على المنابر، والقدس، والخليل، والكرك، ونابلس، وصفد، وذهبت إليه طائفة من أمراء دمشق، وقدمت الجريدة من جهة الرحبة صحبة الأمير سيف الدين كجكن، فلم يدخلوا البلد، بل نزلوا بميدان الحصى، (٢) وأظهروا مملكة المنصور لاجين صاحب مصر، وركبت إليه الأمراء طائفة بعد طائفة، وفوجا بعد فوج. فقوى أمر المنصور وضعف أمر العادل.

فلما رأى انحلال أمره قال للأمراء: هو خشداشى، وأنا وهو شئ واحد، وأنا سامع له مطيع، وأنا أجلس فى أى مكان من القلعة حتى تكاتبوه، وتنظروا ماذا يقول.

وجاءت البريدية بالمكاتبات تأمر بالاحتياط على الطرق، وعلى الملك العادل، وبقى الناس فى هرج وأقوال مختلفة، وأبواب المدينة مغلقة سوى باب النصر


(١) «غلبك» فى البداية والنهاية.
(٢) «الحصن» فى البداية والنهاية.

<<  <  ج: ص:  >  >>