ويجتمع بالأمراء والمقدمين والجند، ويعرفهم أن لاجين تسلطن، وأنهم يحيطون به ولا يمكنوه من الخروج إلى مكان آخر، فلما وصل اجتمع بالأمراء والأكابر وعرفهم بالذى أمر به لاجين، وكان جميعهم يميلون إلى لاجين ويحبونه من أيام نيابته عليهم، فوافوا كلهم متفقين على ما أمر به لاجين، وكان اتفق فى اليوم الثالث من دخول سنقر الأعسر حضور الأمراء الذين كانوا مجردين إلى إلى سيس وفيهم الأمير سيف الدين كجكن، وهو من أمراء الشام، والأمير حسام الدين الأستاذدار، وهو من أمراء مصر، وكان الخبر وافاهم بحمص، وكان الأمير حسام الدين صاحب رأى وتدبير، وكذلك الأمير كجكن واتفق رأيهما مع رأى سنقر الأشقر إلى أن ركبوا ودخلوا إلى العادل وصحبتهم قاضى القضاة ابن جماعة، فلما تلاقوا بكى كتبغا وبكى هؤلاء أيضا، وشرع كتبغا يخبرهم بما وقع من لاجين فى حقه، وشكى من الأمراء أيضا وأظهر شكوى كثيرة، وظهر منه تخضع وذلة حتى رحموه وبكوا بكاء كثيرا، وأخذوا يتلطفون به فى الحديث، ويترققون له، ويظهرون الحزن والتأسف له.
ويناسب هذه الحالة قول الشاعر:
وعاجز الرأى مضياع لفرصته … حتى إذا تم أمر عاتب القدرا
وأخذ الأمير حسام الدين يقول: إن الأيام دول، والله يعطى ملكه من يشاء، وما بقى الأمر إلا دخولك تحت طاعته، وهو خشداشك، فإنكم من بيت واحد، ومماليك أستاذ واحد، وإذا بلغه دخولك فى طاعته فعل معك