للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعمل المنجنيق فى وسط الجامع الأموى، فبلغ ذلك أرجواش نائب القلعة، فصبر إلى أن هجم الليل، وأرسل جماعة من القلعة ومعهم النفط، فأطلقوا النار أولا فى دار السعادة، ثم فى سائر الأماكن القريبة من القلعة (١)، فصارت تلك الأماكن شعلة نار، وكان فيها جماعة من التتار، فهربوا منهزمين، فبقيت النار تعمل يومين وثلاث ليال.

ولما بلغ ذلك قازان غضب غضبا شديدا وأمر لسائر المغل بالركوب، وركب هو مع الأمراء إلى أن وصل إلى القلعة، ونظر إليها، واستهون أمرها، وأمر بردم الخندق. فقالوا له: لا يمكن ردمه فى شهر لأن المياه مسلطة عليه وصعّبوا أمره، وكان قصدهم إخماد النار، وأشار قفجق أن يخاطب نائب القلعة بحضور قازان ويعد - له - بكل خير، وسمع قازان جوابه، فخرج قفجق وبكتمر وبعض أمراء المغل، فوقفوا قريبا من الخندق، وكان أرجواش قد نصب له كرسى عال (٢) بحيث يراهم ويرونه، فلما رأوه سلموا عليه، وسلم عليهم، ثم شرع قفجق يعرّفه عن قازان بالمواعيد والعطايا، وإنه إن لم يفعل فإن الملك يفعل كذا وكذا.

فلما سمع أرجواش كلامه أجابه فأغلظ فى جوابه، فقال له: يا منافق، من يتقرب إلى القلعة؟ والله لو تقرب إليها أستاذى الملك المنصور ما كان له عندى غير سهم فى صدره، ولكن قل لقازان يتقدم حتى ينظر ما يجرى عليه، وأخذ فى سبّهم ولعنهم، وبلغ المغل ذلك لقازان، فغضب غضبا شديدا، وأمر


(١) «لئلا يتمكنوا من محاصرة القلعة من أعاليها» - البداية والنهاية ج‍ ١٤ ص ٩.
(٢) «عالى» فى الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>