فأحضروا الأطباء وسألوهم عن المحمودة، فأجابوا بأنها دواء يشرب للمنفعة، وتوجد عند كثير من الباعة وغيرهم، فتبيّن لهم أن الصاحب قد تقوّل عليه، ثم سألوا طرنطاى ما هى الصاعقة التى ضربته وفى أىّ وقت أصابته؟ فقال: الصاعقة لا حقيقة لها، والحال فيها كالحال فى السمّ، وإنما هؤلاء زوّروا الكتب التى على أيديهم، وكتبوا ما أرادوا لأنفسهم، وأنا بينى وبين السلطان أمارة جعلها معى عند وداعه فأقول سرّا، فإن قالها الصاحب ومن معه فهم صادقون، وإن لم يعرفوها فهم ماذقون، وأسرّ إليه الأمارة، فسأل الصاحب ورفقته عنها فلم يعرفوها، فقال بايطو لطرنطاى: أنتم جميعا متوجهون إلى القان، وهو يفعل ما يراه.
وهؤلاء حضروا من مسافة بعيدة فاختاروا (١) إما أن يتسلّموا السلطان وتبقى الخزائن معكم، أو تسلّموا إليهم الخزائن ويبقى السلطان معكم، فأجمع رأى الأمير سيف الدين طرنطان على أن تكون الخزائن معه ومع رفيقه، وأن يتسلّم السلطان علاء الدين الصاحب شمس الدين الطغرائىّ ورفيقه، فتسلّماه.
وسار طرنطاى ورفيقه قبلهما، وسار الصاحب والسلطان معه بعده، فمرض السلطان علاء الدين فى [٣٨٠] أثناء الطريق ومات.
فاتفق الصاحب وجاليش أن يسيرا إلى طرنطاى ورفيقه يعرّفانهما أن السلطان ضعيف، فإذا حضرا ليبصراه يقتلونهما، وبلغ سيف الدين طرنطاى موت السلطان، فأرسل فراشا ليكشف له أمره وأوصاه بأن يفتش آثارهم بالمنزلة التى
(١) بداية ما وجد فى الجزء التاسع من مخطوط زبدة الفكرة ورقة ٢٨ أ.