للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فحين وصلنا إلى البلاد الشامية تقدّمت عساكرنا تملأ السّهل والجبل، وتبلغ بقوة الله فى النّصر الرجاء والأمل، ووصلت أوائلها إلى أطراف بلاد حماة وتلك النواحى، فلم يقدم أحد عليها، ولا جسر أن يمدّ حتى ولا الطرف إليها، فلم نزل مقيمين حتى بلغنا رجوع الملك إلى البلاد، وإخلافه موعد اللقاء، والله لا يخلف الميعاد (١)، فعدنا لاستعداد جيوشنا التى لم تزل تندفع فى طاعة الله تعالى اندفاع السيل، عاملين بقول الله تعالى: {(وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ)} (٢).

وأما ما جعلوه عذرا فى الإقامة بأطراف البلاد وعدم الإقدام عليها، وأنهم لو فعلوا ذلك [ودخلوا بجيوشهم (٣)] ربما أفسد (٤) البلاد مرورها، وبإقامتهم فيها فسدت أمورها، فقد فهم هذا المقصود، ومتى ألفت البلاد والعباد منهم هذا الإشفاق؟، ومتى اتصفت جيوشهم بهذه الأخلاق؟، وها آثارهم موجودة، ودعاوى خلافها بمشاهدة الحال مردودة، وهل هذا اعتماد من رمق شخص الإسلام بإنسانه؟، كيف ورسول الله عليه السلام (٥) يقول (المسلم من سلم


(١) أسلوب قرآنى مأخوذ من الآية «إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ» - جزء من الآية ٩ من سورة آل عمران رقم ٣، وجزء من الآية ٣١ من سورة الرعد رقم ١٣، وجزء من الآية ٢٠ من سورة الزمر رقم ٣٩.
(٢) جزء من الآية رقم ٦٠ من سورة الأنفال رقم ٨.
(٣) [] إضافة من زبدة الفكرة.
(٤) «أفسدوا» فى الأصل، والتصحيح من زبدة الفكرة.
(٥) «صلى الله عليه وسلم» فى زبدة الفكرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>