للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الناس من يده ولسانه (١)، وأسارى المسلمين عندهم فى أشدّ وثاق، فى يد الأرمن والتكفور منهم ما يخالف ما أدعوه من الإشفاق (٢).

وقد كان المسلمون غزوا عسكر أبغا وقتلوا من قتلوا من التتار، وحصل لهم التمكن فى البلاد والاستظهار. واستولوا على ملك آل سلجوق ولا (٣) تعرضوا لدار ولا جار، ولا عفوا أثرا من الآثار، ولا حصل لمسلم منهم ضرر، ولا أوذى فى ورد ولا صدر، وكان أحدهم يشترى قوته بدرهمه وديناره، ويأبى أن يمتد إلى أحد من المسلمين يد أضراره، هذه سنة أهل الإسلام، وفعل من يريد لملكه الدوام.

وأما ما أرعدوا به وأبرقوا، وأرسلوا فيه عنان قلمهم وأطلقوا، وما أبدوه من الاهتمام بجمع العساكر، وتهيئة المجانيق إلى غير ذلك مما ذكروه من التهويل، فالله تعالى يقول: {(الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النّاسُ إِنَّ النّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ)} (٤).

وأما قولهم وإلا فدماء المسلمين مطلولة، فما كان أغناهم عن هذا الخطاب، وأولاهم بأن لا يصدر عن ذلك جواب، ومن قصده الصّلح والإصلاح، كيف يقول هذا القول الذى عليه فيه من جهة الله وجهة رسوله [٢٥٥] أى جناح؟


(١) قال عليه الصلاة والسلام: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه». انظر فتح البارى - ح‍ ١ ص ٥٣ - باب «الإيمان» حديث رقم ١٠.
(٢) «إشفاق» - فى زبدة الفكرة.
(٣) «وما» فى زبدة الفكرة.
(٤) الآية رقم ١٧٣ من سورة آل عمران رقم ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>