وأرسلها إليه، فوقف عليها وقال: نرجو أن الله لا يمهله لذلك، ثم اجتمع هو والقاضى زين الدين السروجى، وشاوروا السلطان، وعرفوه زندقته وكفره، وكان قد بلغ السلطان أمره، فتحدث السلطان بكلام فهم القاضى منه المهلة عليه، فانزعج القاضى لذلك وقال: هذا الرجل ثبت عندى كفره وزندقته، وقد وجبت عندى إراقة دمه، فلما رأى السلطان تصميم القاضى قال: إذا كان لا بدّ فاعقدوا له مجلسا بحضور الحكام، فإذا وجب عليه أمر شرعى افعلوه، ورسم لناصر الدين بن الشيخى والحاجب بأن يحضرا المجلس، فجلست القضاة والأمراء فى شباك الصالحية وطلبوه من السجن، وشقوا به بين القصرين. وهو بزنجير فى رقبته، مكشوف الرأس، وهو يستغيث: يا قوم أتقتلون رجلا يقول ربى الله ويعلن بالشهادة، إلى أن وصل إليهم، ووقعت الدعوى والإنكار، وأخرجوا الشهادة عليه والإثبات بكفره، فنهض القاضى السروجى وهو ينشد:
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى … حتى يراق على جوانبه الدم
وأشار أن يخرجوه إلى ظاهر المدرسة إلى أن وقف مقابل الشباك وهو يصيح ويعلن بالشهادة ويقرأ القرآن، والتفت الحاجب وناصر الدين للقاضى زين الدين وقالا: يا سيدنا إش ثبت عندك فى هذا الرجل؟ قال: ثبت عندى كفره ووجب قتله، فنهض السروجى وقال: إضربوا رقبة الكافر ودمه فى عنقى، فأشار فى ذلك لعلاء الدين آقبرص بعض مقدمى الحلقة أن يضرب رقبته، وكان قوى اليد، ماضى السيف، فضربه ثلاث ضربات وأراد بذلك تعذيبه، ثم علق جسده على باب زويلة وطيف برأسه المدينة، وكان قد تكهل.