للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال صاحب النزهة: وكانت الشوانى مشحونة بالعدد والسلاح والنفطيّة والزاد، وفيها جماعة من الحلقة، ومن كل مقدم نفران، ومن الطبلخانات والعشرات، وجرد أيضا من المماليك السلطانية جماعة من الّزرّاقين، وزينت الشوانى بأشياء من الآلات، وباتت الناس تلك الليلة، لم يبت أحد فى بيته، وغلقّت مصر والقاهرة يومين لأجل التفرج، وكان من أول بولاق إلى الصناعة (١) خلائق من البرين لا يحصى عددهم حتى إن الإنسان لا يستطيع أن يضع قدمه إلى الأرض، وأما بقية مراكب البحر والشخاتير (٢) الصغار فإنها طبقت وجه البحر، والمركب الذى كان يكرى بعشرة أكروه بمائة درهم (٣).

ففى صبيحة يوم السبت الثانى عشر من محرم سنة ثنتين وسبعمائة: نزل السلطان والنائب وسائر الأمراء، ووقفت العساكر جميعهم على برّ بستان الخشاب، وعدّى الأمراء فى الحراريق إلى الروضة، ثم أمر بخروج الشوانى واحدة بعد واحدة، فخرج الشينى الأول ولعب ساعة ولعبوا فيه بالنفط، وصاحت الخلائق من الجانبين، ثم الثانى، ثم الثالث، ثم خرج الرابع وهو الذى كان فيه أقوش العلائى، ولعبت فيه الهوى، فمال ميلة، فانقلب فصار أعلاه أسفله، وصرخت الناس عن صوت واحد، وتكدر ذلك الصفاء، فتحيرت الأمراء والسلطان، وحزنوا حزنا عظيما، وأدركت المراكب إليه، وخلصوا منه خلقا وغرق آحرون، وممن غرق أقوش المذكور المقدم فيه (٤).


(١) صناعة مصر: بساحل فسطاط مصر - المواعظ والاعتبار ج‍ ٢ ص ١٩٧.
(٢) شخنور - شخاتير: سفينة صغيرة بسار واحد فى الوسط، وهو من اصطلاح النوتية - السفن الإسلامية على حروف المعجم.
(٣) انظر النجوم الزاهرة ج‍ ٨ ص ١٥٥ - ١٥٦.
(٤) «فلم يعدم منه سوى أقوش، وسلم الجميع» - فى السلوك ج‍ ١ ص ٩٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>