فحيث لم يبق من وجوه العدد شئ، تبيّن أن آخر الطبّ الكىّ، فشحذنا عرار العزم متوكلين واثقين، بما عودنا الله من النصر العزيز والفتح المبين، ونهضنا من قرب منا من الجنود، ورفعنا على السماك الألوية والبنود، عازمين على الإقامة هذه الصيفية بالشام، منتقمين لما فى الضمير من الانتقام، والله المستعان وعليه التكلان.
وإنما المراد من تسطير هذا الفرمان الرّابع: أنّا حيث نعلم أن أهل الشام من أهل الدهاء والفطنة، فلا يشاركون المصريين فى الشر والفتنة، ولا يرون بما يؤول إلى وقوع المصريين فى العذاب والمحنة، أردنا أن ننبّههم من رقدة الغفول، ونوضح لهم طرف الود والقبول، بيّنا لهم أنهم هل وجدوا فى قواعد الأصول والفروع، وصحائف المعقول والمشروع، وجها يقتضى أن يتبع من ليس إتباعه ضرورة، ولا نزلت فى وجوبه آية ولا سورة، ويخالفوا من لا تعارض شوكته، ولا تطاق سطوته، فتصيبهم المحن والفناء، وينزل بساحتهم الجهد والبلاء، وها نحن قد وردنا بالجنود المجندة، والجيوش المؤيدة، وسيصل إلينا من الروم والكرج، وتكفور والإفرنج، عساكر لا تحصى، [٢٧٥] كالنجوم فى موعد مقرّر ووقت معلوم، ويكون مصيف الجميع ببلاد الشام وحواليها، وجبالها وصحاريها، فكشفنا القناع وركبنا الحجة، وقدمنا الوعيد وأظهرنا المحجة، وعقدنا النية بأنه كل من سلك سبيل مخالفتنا، ولم ينتهج طريق طاعتنا، فإنا نأمر برعى غلاتهم (١)، وسبى أزواجهم وبناتهم، وبقطع أشجارهم، وبقتل صغارهم وكبارهم،