للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحرق مساكنهم، ونتبع مخافيهم ومكامنهم، ونجعل أطلالهم ممحوة بالطمس، وأجسادهم كأن لم تغن بالأمس.

وإن لاح لهم الاحتراز فليستدركوا فارطهم، وليرحموا أنفسهم وأزواجهم وأولادهم وأموالهم، وليبادروا إلى ما هو السبب للخلاص، ويدخلوا فى طاعتنا عن صدق وإخلاص، وليتحققوا أنا لا نريد منهم خزائن ولا أموالا، فإن الله تعالى قد أتانا من المال (ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولى القوة (١)، أغنانا بما أعطانا، عما هو فى أيدى من سوانا، وفيما منحنا من المملكة العريضة، والسلطنة المستفيضة، والعساكر والجيوش غير المحصورة، والألوية والأعلام المنصورة، متسع وكفاية، بل يخطبون باسمنا، ويضربون (٢) الدينار بسكتنا حتى نقرر الجمهور على أمورهم، من أميرهم ومأمورهم، زائدين فى الإقطاعات والمشاهرات، والمرتبات والإقرارات.

ولا يخفى عليهم أن الشام كان فى الأعوام الماضية، والأيام الخالية، تارة مع الروم وأخرى مع العراق، وعن مصر لا زال منقطع العلاق، إلى زمان تغلب طائفة من أهل الخروج والفتن، فكما كانوا يتصورون أن الثغر هو العراق وديار بكر، فليتصوروا بعد اليوم أنه غزّة وحدود الرمل، وكما كانوا يستمدون منهم علينا، يستمدون منا عليهم، ولا يعتمدوا على القلاع، فإنهم بالمحاصرة يعجزون، ومن الاضطرار يسلّمون، ومهما تركوا الوساوس (٣) والخيالات، وأطاعونا بصدق النيات، فهم فى أمان الله الملك العلام، وأمان الرسول عليه السلام، وأماننا فى النفس والأهل والمال، ولا تصيبهم فى عساكرنا أذية فى عموم الأحوال.


(١) جزء من الآية رقم ٧٦ من سورة القصص رقم ٢٨.
(٢) «ويضربوا» فى الأصل، والتصحيح من زبدة الفكرة.
(٣) «الوسواس» فى الأصل، والتصحيح من زبدة الفكرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>