يحيط بهم الفرق الثلاث من سائر الجهات، ففعلوا كذلك وأخلطوا بهم فدهكوهم [٢٧٧] بهذا التدبير، وغلب القليل من المسلمين جمعهم الكثير، وكسروهم، واستنقذوا التركمان الذين كانوا أسروهم، وخلصوا النسوان والولدان، واقتلعوا منهم المواشى والأموال، وأبلوا بلاء حسنا، وفازوا بالأجر والثناء، وتفاءلوا بهذه البداية المباركة، وأيقنوا النصرة المتداركة، وكانت هذه مقدمة لنتيجة الظفر، وقضية موجبة للتأييد المنتظر، سالبة ما استلبه فراط التتر، ولم يستشهد فى الوقعة إلا الأمير سيف الدين آنص الجمدار، وناصر الدين محمد بن باشقرد الناصرى.
وقال صاحب النزهة: كان السبب لغارة المغل على القريتين أن قطلوجا لما عدّى الفرات طلب بعض أمراء التوامين وقال له: اركب بمن معك من عسكرك، وأغر على طريقك أى جهة رأيتها قريبة منك، واقتل وانهب واسب وسق ما تجده وما تقدر عليه من أسرى المسلمين، وكان قصد بذلك إيقاع هيبته فى قلوب الرعية والعساكر، ثم أنه أول ما جاءت طريقه على القريتين رأى بها بيوت التركمان والعرب والخلق الكثير، وقد سرحوا مواشيهم إلى أن سدت تلك تلك الأرض، فضربوا عليهم حلقة ووضعوا فيهم السيوف، فلما رأوهم صاحوا بالأمان، وأقاموا ذلك اليوم وتلك الليلة، إلى أن ساقوا جميع أموالهم، وأخذوا مواشيهم، وشرعوا فى أخذ الرجال والنساء والأطفال، وربطوا الجميع أسرى، وساقوهم بين أيديهم، والرجال تبكى، والنساء يصحن، والأطفال يتصاعون.
فلما جاء الخبر بذلك إلى الأمراء عينوا جماعة من الأمراء وهم الذين ذكرناهم ومعهم يزيد بن ثابت بجماعة من عربه، وكلهم بالهجن راكبون، وفرس كل