للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من انتقاض العزائم على أن صرحوا بالشتائم، وبادر أكثرهم بالجفل لينجو، وقالوا: إذا رجعت عنا العساكر فأىّ حياة نرجو، فحصل بلطف الله التوقف والتثبط والتمسك بالمرج والتضبط، فما كان إلا كلمح شرارة أو وحى إشارة حتى أتى البريد مخبرا بإقبال الملك الناصر وأطلاب العساكر، فزال البأس وغلب الرجاء اليأس، ثم أقبل السلطان فى جيوشه، وأسوده الكاشرة ووحوشه، فقويت القلوب، وانحلت الكروب، واجتمعت العساكر المصرية والشامية وتكتبت الكتائب المحمدية (١).

وقال صاحب النزهة: وقد كان السلطان كتب إلى نائب الشام والأمراء وعرفهم بأنه خرج من مصر وصحبته الخليفة المستكفى بالله أبو الربيع سليمان، فلما وصل إليهم الخبر فرحوا واستبشروا بذلك وطابت خواطر العامة بكون العسكر مقيمين عندهم، وكون السلطان فى الطريق وهو جاى.

وفى ثالث اليوم من ذلك: جاءت الأمراء المقيمون بمصر وهم: نائب حلب، ونائب حماة، ونائب طرابلس، فلاقتهم الأمراء الذين بدمشق واجتمعوا، فلما نزلوا للمشورة تحققوا أن قطلوبغا نائب قازان بمن معه من العسكر قد وصل إلى قرون حماة طالبا دمشق طلبا لقلعتها، فإنه بلغه ما برى على السرية التى غارت على أهل القريتين، وبلغه أن نائب الشام متوجها للقائه بعسكر الشام، فعند ذلك اجتمعت سائر الأمراء: نائب حلب قراسنقر، ونائب حماة كتبغا العادل، ونائب طرابلس أسندمر، ونائب الشام الأفرم، والأمير ركن الدين


(١) «كان قدوم السلطان فى يوم السبت مستهل شهر رمضان» - انظر زبدة الفكرة (مخطوط) ج‍ ٩ ورقة ٢٣٩ أ، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>