بيبرس الجاشنكير، والأمير حسام الدين الرومى، ومبارز الدين بن قرمان، وكراى المنصورى، وتغريل النوغاى، وسائر أمراء مصر والشام، على أنهم يخرجون إلى مرج دمشق ويلاقون العدو فيه، ولا يدعونهم يدخلون دمشق.
فلما انتظم الحال على هذا لم يعجب هذا الرأى الحسام الأستاذ الدار ولا تحدث معهم فى هذا الرأى. فقال له بيبرس: مالك لا تتكلم مع الأمراء؟ فهذا ليس وقت السكوت، وأنت رجل كبير ورأيت ما لا رأيناه، وجرت عليك التجاريب، فلا يحل لك أن تسكت، فإن رأيت خيرا من هذا الرأى تكلم، حتى نوافقك على هذا إن رأيناه مصلحة، وإلا فأنت تعلم شيئا فيه مصلحة وتسكت عنه تطالب به يوم القيامة. فقال يا أمراء: أنا أقول ما أعلم أنه يخلّصنى عند الله تعالى، ولكن ما يعجب ذلك بعض الأمراء. قال له بيبرس: قل حتى نسمع. فقال: إعلموا أن هذا عدوّ ثقيل، وهو قاصدكم وطامع فيكم لكون أنكم نواب البلاد، ولا يعلم أن عسكر مصر مع السلطان، قد قربوا منكم، فمتى لاقيناهم يجرى علينا ما لا نحبه من غلبة العدو علينا، فيتفرق شمل العسكر الذين تجمعوا، ويحضر السلطان والعسكر على حال الفساد، ويكون العدو خلفنا، فيتوهم عسكر السلطان، وتنكسر قلوب الناس، [٢٨١] ويقع العتب علينا أيضا من السلطان حيث يقول: كنتم صبرتم حتى اجتمعنا كلنا جملة، والحال أنكم سمعتم بقدومى، فلا يفيد بعد ذلك الندم، وهذا السلطان قد قرب وبقى بيننا وبينه يوم أو يومان، والمصلحة عندى أن نرجع إليه، ونجتمع بين يديه، وتكون الآراء رأيا واحدا، واللقاء جملة واحدة، ويعطى الله النصر لمن يشاء.