للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأجل ما اتفق من نصب القلاع التى صنعها الأمراء وتباهوا فيها لما حضر الأمير بدر الدين الفتاح بالبشارة بنصرة المسلمين وهزيمة العدو كما ذكرنا.

وكانوا قد قرأوا كتاب البشارة بحضور نائب الغيبة الأمير أيبك البغدادى، وكان من إنشاء القاضى علاء الدين بن عبد الظاهر.

بسم الله الرحمن الرحيم: {نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ} (١)، خصه الله من البشائر بأحسنها وأجملها، ومن التهانى بأتمها وأكملها، ومن المسرات بأوفرها وأجزلها.

نعلمه أن التتار المخذولين كانوا قد امتدوا إلى البلاد المحروسة ووصلوا إلى حمص، وتعدوا جهة دمشق، وكانت العساكر المنصورة بحلب وحمص قد انضموا إلى دمشق، وعند وصولنا إلى مرج شقحب ساق التتار المخذلون، ووصلوا إلى المنزلة التى نحن بها، وكانوا فى العدد الذى لا يحصى، وذكر عدتهم عن مائة ألف أو يزيدون، وللوقت قابلناهم بالعزائم الصادقة، والنيات الخالصة وركبنا بالجيوش المؤيدة، وصدمناهم بالعساكر المنصورة الصدمة العظمى، ومازال الحرب إلى أن نصر الله تعالى عليهم، وقتل منهم ما لا يحصى عددهم إلا الله، ثم بعد ذلك استند من بقى منهم إلى جبل واجتمعوا به، فأحاطت عساكرنا المنصورة بهم، ومازلنا راكبين بأنفسنا وخيولنا، مجاهدين فى الليل والنهار، والحرب قائمة على أوزارها، وفى كل وقت يتناقص عددهم حتى امتلأت من قتلاهم الأرض، واتهزموا من بين أيدينا، وكسبت العساكر المنصورة من أموالهم وخيولهم ما فتح الله، وبقينا يومين وليلة فى مضايقتهم فى الجبال التى تحصنوا بها


(١) جزء من الآية رقم ١٣ من سورة الصف رقم ٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>