للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما أحاطوا بها، وخيّموا حولها، خرج إليهم عسكرها بعدد وعدده، وحشده ومدده، صحبة مجاهد الدين أيبك الدوادار الصغير (١)، وكان له شأن عظيم، وقدر جسيم، وكان مقدّما على عشرة آلاف فارس، فندبه الخليقة لقتال التتار، وكان فى مقدمتهم صغون حاق بتمانه، فلما التقى المسلمون معهم كانت الكسرة على التتار، فولّوا الأدبار، وتبعهم الدوادار، سحابة ذلك النهار، وقتلوا منهم خلقا كثيرا، وجما غفيرا.

وحجز بينهم الليل، فكفّت المسلمون الذين معتقدين أنهم قد استظهروا، ولأعدائهم قهروا، فلما أصبحوا لم يشعروا إلا وقد تراجع التتار إليهم، وحملوا عليهم، فكسروهم وهزموهم، لأن أكثرهم كان قد تسّلل فى الليل إلى المدينة موقنا بالنصرة.

فلما تمت هذه الكسرة، ولّى المنهزمون ليرجعوا إلى بغداد، فحال بينهم وبينها بثق انبثق فى تلك الليلة، وساحت منه مياه دجلة، وشملت الطرق والمسالك، وأدركت العسكر، فأغرقت بعضهم هنالك.

وقتل التتار مجاهد الدين أيبك الدوادار وولده أسد الدين، وكان مقدّما على خمسة آلاف فارس، وسليمان بن برجم (٢) أمير علم الخليفة، وجماعة من الأمراء البغاددة، وأعيان العسكر، وأسروا خلقا.


(١) «الدوادار الكبير» فى الأصل والتصحيح مما يلى ص ١٧٥، وانظر نهاية الأرب ج‍ ٢٧ ص ٣٨١ هامش (١).
(٢) «ابن ترجم» فى نهاية الأرب ج‍ ٢٧ ص ٣٨٢، وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>