للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصلح للمغرب، وركب معهم فى مركب هو وأصحابه، ولما وصلوا إلى أبى يعقوب المرينى عرّفوه بحاله، فأكرمه وقرّبه، فوجده كافيا للأمور، فتعاظم عنده فى تلك المدة إلى أن مكنّه فى التحدث فى الوزارة، وسار فيها سيرة حسنة، وعرف أخلاق المغاربة لطول مدته عندهم، وكان وقت دخوله إليهم شابا، ثم سأل المرينىّ أن يحج ويقضى فرضه، فأنعم له بذلك، وجهّز أيضا صحبته جماعة من أهله وأقاربه، وتبعتهم جماعة كثيرة، وسيّر صحبته خيلا وبغالا، وتحفا سنية تصلح للملوك، وأخذ الوزير أيضا صحبته ما يليق به، ولما دخل على السلطان أكرمه وقرّبه وأمر بإنزالهم فى الميدان، ورتّب لهم كل ما يحتاجون إليه، ورسم للوزير والمباشرين أن يجهزوهم بكل ما أمكن.

ومنهم متملك دنقلة وبلاد النوبة واسمه أياى، وصل إلى مصر وأحضر معه هدية من الرقيق والهجن والجمال والأبقار والشبّ والسنباذج، وأنزل بدار الضيافة، وقبلت هداياه، وشرّف بالخلع الملوكية والتشاريف السلطانية، وسأل أن يجرد معه عسكرا لينهض به على إعداده (١)، فجرّد معه جماعة من أجناد الأمراء وجند الولايات وعربان الصعيد، وجعل سيف الدين طقصبا الذى كان والى قوص مقدما عليهم.

وقال صاحب النزهة: وجردّوا من مصر نحوا من ثلاثمائة فارس من جند الحلقة والأمراء، فخرجوا إلى أن وصلوا فى المركب والبر أيضا إلى قوص، وأقاموا إلى أن أكتمل الجند والعرب، ورحل طقصبا بالعسكر جميعه وصحبتهم ملك دنقلة، فبلغه خبر بهروب صاحب دنقلة صحبته جماعة كثيرة من السودان، وعلم أنه لا ينال طائلا، واتفق مع الملك، ورجع بالعسكر إلى مصر.


(١) هكذا بالأصل، ولعل المقصود «على أعدائة».

<<  <  ج: ص:  >  >>