كالمغضب وقال: يكذب أهل طرابلس فإنهم مراجفون مناجيس، وأنت أيضا بقيت مثلهم، وكان بالوج شرس الأخلاق، فقال يا أمير أقول لك إن هؤلاء ناس مسلمون يشتكون من هذا الخنزير الكافر وتقول لى أنت منهم، يعنى تقول لى تكذب. قال: نعم، فلما سمع بالوج هذا الكلام نهض قائما، وقال: والله لأضربن عنق هذا السامرىّ حيث وجدته، فالسلطان ما يشنقنى لأجل سامرىّ خبيث، ثم اتفق ما ذكرناه من النائب فى حقه، فتزايد السامرىّ على الناس إلى أن وقع منه كلام فى يوم من الأيام يوجب قتله، فشهدت جماعة بذلك من العدول وغيرهم، وكتبوا بذلك محضرا وأرسلوه إلى قاضى المالكية بدمشق، فأثبته القاضى، ثم اجتمع بالقاضى الشافعى والحنفى، وتوجهوا إلى ملك الأمراء جمال الدين الأفرم وعرّفوه بالقضية، فكتب إلى الأمراء بمصر وعرّفهم بجميع ما وقع، وعرّف أيضا أن هذا الرجل خصيص بنائب طرابلس، فقام الأمير ركن الدين فى ذلك وكتب إلى أسندمر نائب طرابلس أن يرسل هذا السامرى إلى دمشق ليتولى أمره القاضى المالكى، ويفعل فيه ما يجب عليه بالشرع، ويطلق سيف الدين بالوج عن الحبس، فلما وصل الكتاب إلى أسندمر، وفيه الإنكار عليه بسبب ما بلغ الأمراء من أمر السامرىّ، وعلم أنه لا دافع عنه، وتصوّر أن السامرىّ إذا [٣٣٩] وصل إلى دمشق يحدّث بما كان يفعله هو، أراد به أسندمر نفسه، فيقع بسبب ذلك فى أمر أعظم مما كان، فطلب سيف الدين بالوج، واعتذر إليه وقال: ما كنت أعرف حال هذا الملعون وما كان يفعله حتى ظهر لى فى هذا الوقت، وخلع عليه وطيب خاطره، ثم طلب السامرىّ بين يديه وأهانه وقيده، وجعله فى زنجير، وسلّمه إلى البريدىّ، وسيّر معه بعض مماليكه ووصّى بهم بأنكم إذا وصلتم إلى حمص وركبتم منها فى الليل