للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو ستة آلاف دينار فى كل سنة، كان يشترى بها أصناف المتجر، ويسيرها إلى قلعة الإسماعيلية فكانت ترصد هناك، وهذا كانت عادتهم من تقادم السنين مع هدية يختص بها السلطان، فلما ولى ولده الأشرف أياما قليلة وخرج عليه هزبر الدين ملك اليمن قطع الجهتين، وتجاهر للتجار بصغر السلطان، ولما سمع الأمراء بذلك اقتضى رأيهم أن يسيّروا إليه رسولا وكتابا وينتظرون ما يجئ جوابه، فعينوا لذلك مقدما من مقدمى الحلقة يقال له ناصر الدين (١) الطورى، ومعه القاضى شمس الدين [محمد] (٢) بن عدلان، وكتبوا كتابا، وأغلظوا عليه فى الكلام، وهدّدوه وقالوا له: لا تحوج نفسك إلى مجئ عسكر إليك، فيكون دماء أهل اليمن فى ذمتك.

وكتب الكتاب القاضى ناصر الدين بن عبد الظاهر، ومن محاسن كتابه:

أنه غير خاف عليك ما كان والدك عليه وما صار إليه، وكان عندنا بالاستعفاء والجنوح إلى سبيل الوفاء، وسلك فيه من التلطف أبهج المسالك، واجتنب أن يوقع نفسه فى المهالك، وحسم تلك المادّة أن ترعى، وربما أوصى بها أصلا وفرعا، ووافاه الموت فقصم عروة عتابها، وحال بين المسألة [٣٤٠] وبين أعتابها وأفضت نوبة الملك إلينا فدانت لنا الرقاب وتباطت لنا الهضاب، وكاتبنا الملوك شرقا وغربا، ووصلت إلينا هداياهم، وكان اعتقادنا أنه أول ملك تصل إلينا كتبه، فكان أوحدهم عقوقا وأوعرهم طريقا، فكما علمت أن عدونا المقهور، وسلطاننا ناصر الدين المنصور، وعلمت أمر التتار، وما لها من المنازلة فى طول المدد، وقوة الجأش، واقتياتهم بما على الأرض من خشاش، فما


(١) «مبارز الدين» فى العقود اللؤلؤية ج‍ ١ ص ٣٦٧.
(٢) [] إضافة للتوضيح - السلوك ج‍ ٢ ص ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>