للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لبث ملكهم أن سلّم جيشه وولّى، بعدما قال أنا ربكم الأعلى (١)، وكانوا مائة ألف أو يزيدون، هذا وهم العدو الأكبر، والخصم الأقدر، فما ظنك بمن هو أضعف ناصرا، وأقلّ عددا، ممّن قد ألف الوساد، وأوصل النوم، وجفى السهاد، وجعل دأبه فينة، زاعما بعدم الوصول إليه من بعد المسافة، وهى أقرب إلينا من حبل الوريد (٢)، ولا مانع عنه فى اقتحام الأهوال، وما ذلك على جندنا ببعيد، والطريق التى استولى عليها الملك المسعود ابن مولانا السلطان الملك الكامل معروفة، ومسالكها مألوفة، ونحن نحمد الله ما ثارت إلينا سحابة إلا وجنت بحمد الله ثمراتها من حيث حلّت، ولا أتيحت سفينة إلا ألقت ما فيها وتخلّت، فيقف عند حدّه ويستدرك هزله بجدّة، فما بعد العتاب من ألم، ويقتفى سنن المهادنة، فمن أشبه أباه فما ظلم، ويقدّم ما فى ذمته لبيت مال المسلمين من الحقوق، ويتجنب طريق العقوق، فمن النهج أن لا تكون عقوق.

وقرئت هذه النسخة على السلطان والأمراء، فطلبوا الطورى والقاضى شمس الدين وعرفوهما ما يقولانه، واتفق رأيهم أن يكتب الخليفة أيضا إليه كتابا وينهاه، فكتب من جهته كتابا وأغلظ على الملك المؤيد فيه، وأمره ونهاه.


(١) إقتباس قرآنى، مأخوذ من الآية «فقال أنا ربكم الأعلى» - الآية رقم ٢٤ من سورة النازعات رقم ٧٩.
(٢) إقتباس قرآنى مأخوذ من الآية «ونحن أقرب إليه من حبل الوريد» - جزء ٥ من الآية رقم ١٦ من سورة ق رقم ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>